عن الدماء وإظهار كلمة الكفر ، فإنّه ربما يكون مباحا ، وقد يكون حراما فيحرم على المكلّف إظهار كلمة الكفر ولو انجرّ إلى قتله يقينا ، لكن فيما لو كان المأمور بإظهار الكفر ممّن يعتدّ بشأنه بحيث لو أظهر كلمة الكفر احتمل وقوع ثلمة في الدين مثلا.
وبالجملة ، فبعد ما لاحظنا طريقة الشرع من عدم الاعتبار بالضرر المقطوع ولو في بعض المقامات مع قطع العقل بلزوم الاحتراز فيه ـ ولا يذهب وهم إلى تناقض بين حكمي الشرع والعقل ، لظهور أنّ حكم العقل إنّما هو في صورة الانفراد وعدم التعارض ـ لا إشكال ولا تنافي أيضا في المقام ، بل بطريق أولي ، فيجوز أن يحكم الشارع بعدم ترتيب (١) آثار الضرر المشكوك بأصالة عدم الضرر ونحوها من الأمارات الشرعيّة في مواردها.
وحكم العقل بلزوم الاجتناب أيضا في محلّه. ولا ينافيه ما تقدّم من التطابق أيضا ، لاختلاف الأحكام باختلاف الموضوعات كما لا يخفى ؛ ولذا تراهم يتمسّكون في مقام نفي الحكم المشتمل على الضرر بأدلّة شرعيّة من غير أن يلتفتوا إلى حكم العقل بوجوب الاجتناب. فرفع الضرر الدنيوي ولزوم الاجتناب عنه في الأحكام الشرعيّة حكم شرعيّ ، ولا مانع من تخصيص الشارع حكمه باعتبار اختلاف مصالح الحكم بمورد دون آخر.
ومن هنا يعلم وجه لزوم الاجتناب فيما إذا اشتمل أحد الإنائين على السمّ في الشبهة المحصورة ، حيث إنّه لا دليل شرعا على جواز الارتكاب من الاصول العمليّة كما يظهر ذلك في محلّه إن شاء الله. والعقل لصرافته يحكم بلزوم الاجتناب من غير ما يقضي بخلافه ولو بواسطة اختلاف الموضوع. كما أنّه يظهر لزوم
__________________
(١) في ( ش ) : « ترتّب ».