ما يحتاج إليه في أمثال زماننا. فإن أريد استقرار سيرة القسمين الأوّلين على عدم الرجوع فمسلّم ذلك ولكن لا يرتبط بالمقام ، إذ لا إشكال في أنّ موت الإمام لا يوجب بطلان قوله كموت الراوي مثل موت الناقل لفتوى المجتهد في زماننا. وإن أريد استقرار سيرة القسم الثالث فلا نسلّم ذلك ، فإنّ الإنصاف أنّ دون إثبات استقرار سيرة المقلّدين بالمعنى المصطلح عليه على البقاء خرط القتاد! بل ولا يبعد دعوى السيرة على خلافه كما يشاهد في أمثال زماننا ، فإنّ بعد موت المرجع نرى اضطراب المتشرّعين من أهل تقليد ، كما هو ظاهر.
وبالجملة ، فلا يقاس حال الموجودين في هذه الأزمنة وما يضاهيها من زمن الغيبة بحال أصحاب الأئمة عليهمالسلام لما عرفت من افتراقهم الفرق الثلاث ، بخلافهم فإنّ الغالب فيهم التقليد ، كما ذكرنا. نعم ، يصحّ مقايسة حالهم بحالهم في الفتوى المنقولة إليهم مع عدم سماعهم من المجتهد بواسطة الثقات والعدول.
الرابع : أنّ الأمر بالرجوع عن الفتاوى المقلّد فيها يشمل على عسر أكيد وحرج شديد ، وهما منفيّان في الشريعة السمحة السهلة.
والجواب عن ذلك : أنّه إن أريد لزوم العسر والحرج في تعليم المسائل التي أفتى فيها الحيّ. ففيه : أنّه لا عسر فيه ، إذ لو كان كذلك لكان ساقطا عن البالغ في أوّل بلوغه ، على أنّ المخالفة ليست في جميع المسائل بل ولا في الغالب ، فإنّها قليلة جدّا ، وذلك يحصل بمطابقة الرسالة في أيّام معدودة ونحوها ممّا لا يعدّ عسرا إلاّ ممّن جبلت طبيعته على الاعتذار في انتهاضه على الأحكام الشرعيّة والقيام بوظائف الشريعة.