في العمل بالرواية فمقتضى التعليل : « بأنّهم حجّة على الناس من قبل الإمام » وجوب الأخذ بفتاويهم أيضا ؛ لأنّ المجتهد يجب اتباعه في كلّ ما يخبر به ، سواء كان نفس الحكم الشرعي أو دليله ، بل يقتضي ذاك التعليل وجوب الرجوع إلى أقوالهم بعد موتهم أيضا ؛ لأنّ موت الحجّة لا يوجب سقوط اعتبار قوله ، ويدل عليه أيضا قوله عليهالسلام : « وأنا حجّة الله » عقيب التعليل المزبور الدالّ على كون حجّيتهم مثل حجّيته عليهالسلام ، فإنّ حياة الحجّة ومماته سيّان في اعتبار قوله.
ومنها : ما نصّ على جواز تقليد الفقيه الجامع لسائر شرائط الفتوى كالعدالة ، مثل ما في محكي الاحتجاج عن تفسير العسكري عليهالسلام في قوله تعالى : ( وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ إِلاَّ أَمانِيَّ ... )(١) الآية الواردة في ذمّ عوام اليهود والنصارى في متابعة علمائهم في إنكار آيات النبوّة وآثارها ، وهو طويل لا بأس بذكره على طوله تيمّنا وتبرّكا بذكره ، وهو : أنّه « قال رجل للصادق عليهالسلام : وإذا كان هؤلاء القوم من اليهود والنصارى لا يعرفون الكتاب إلاّ ما يسمعون من علمائهم لا سبيل لهم إلى غيره فكيف ذمّهم بتقليدهم والقبول من علمائهم؟ وهل عوام اليهود إلاّ كعوامنا يقلّدون علماءهم فإن لم يجز لاولئك القبول من علمائهم لم يجز لهؤلاء القبول من علمائهم؟
فقال عليهالسلام : بين عوامنا وعلمائنا وبين عوام اليهود وعلمائهم فرق من جهة وتسوية من جهة :
أمّا من حيث استووا فإنّ الله تعالى ذمّ عوامنا بتقليدهم علماءهم كما ذمّ عوامهم [ بتقليدهم علماءهم ](٢) وأمّا من حيث افترقوا فلا.
__________________
(١) البقرة : ٧٨.
(٢) لم يرد في المصدر.