قلنا : لو سلّمنا ذلك ، فمن الواضح اختصاصه بقول الأحياء ؛ لأنّ مرجع الضمير هم الأحياء ، كما لا يخفى. وعلى ما في رواية الاحتجاج من قوله عليهالسلام : « فأمّا من كان من الفقهاء صائنا لنفسه (١) ... » : إنّ الاستدلال به موقوف على ثبوت الإطلاق بحسب الأحوال فيه ، بحيث يندرج فيه حالتا الحياة والممات ، وهو ممنوع :
أمّا أولا ـ فلأنّ كلمة « من » الموصولة ظاهرة في الأحياء ، فلو كان فيه إطلاق فإنّما هو بحسب حالات الأحياء ، فلا يتعدّى منها إلى حالة الموت.
وأمّا ثانيا ـ فلورود هذا الكلام [ في ](٢) مقام بيان مشروعيّة أصل التقليد ردّا لتوهّم الرجل السائل من ظاهر الآية حرمة التقليد رأسا ، فلا إطلاق فيه بحيث يقتضي حجّية فتوى الميّت.
كل ذلك مع الغضّ عمّا في سند أكثر ما في هذه الأخبار من الضعف والإرسال ، خصوصا رواية الاحتجاج التي هي في أعلى مراتب الضعف ، وإلاّ فمن الواضح أنّ الخروج عن تحت الأصل المسلّم بين الكلّ بمثل هذه الضعاف سندا ودلالة مع مخالفة جلّ الأصحاب أو كلّهم ممّا لا يندرج تحت شيء من القواعد.
فقد ظهر ممّا ذكرنا : أنّ بعض هذه الأخبار ـ وهو الأكثر ـ لا دلالة له على مشروعيّة أصل التقليد رأسا ، والبعض الآخر على فرض دلالته عليه لا إطلاق فيه يشمل حالتي الحياة والممات ، بل إمّا مختصّ بظاهره بالأحياء ، أو ساكت من حيث الحياة والممات ، فلو تمسّك حينئذ بالاستصحاب ، فقد ظهر جوابه بما لا مزيد عليه.
__________________
(١) تقدّم في الصفحة : ٦٠٧.
(٢) اقتضاها السياق.