أمّا الصغرى فوجدانيّة ، وأمّا الكبرى فلدليل الانسداد : من أنّ التكاليف باقية وباب العلم منسدّ في حق المقلّد ، والظنّ الخاصّ مفقود ؛ لأنّ الدليل على جواز الأخذ بقول المجتهد تعبّدا مفقود ؛ إذ الأدلّة اللفظية من الكتاب والسنّة غير واضحة الدلالة ؛ لما فيها من المناقشات إلى ما شاء الله كما ظهر جملة منها ، ولو سلّم فلا يحصل منها إلاّ الظنّ المعلوم عدم حجّيته في إثبات الطريق الشرعي ، والأدلّة اللبّية من الإجماع والضرورة والسيرة غير ثابتة ؛ لأنّ السلف المعاصرين للإمام كان باب العلم في حقّهم مفتوحا ، وكانوا يعملون به ، والإجماع موهون بخلاف جملة من الأصحاب كفقهاء الحلب (١) والأخباريّين ، فلا مناص للعامي إلاّ الاعتماد على الظنّ كالمجتهد ؛ لأنّ الاقتصار على القدر المعلوم من الضرورة والإجماع من التكاليف يقتضي الخروج عن الدين ؛ لكونه في غاية القلّة. وإلزام الاحتياط يستلزم العسر والحرج.
وهذا الدليل احتجّ به الفاضل القمّي رحمهالله (٢) على مختاره من جواز تقليد الميّت أو وجوبه إذا كان الظن الحاصل من قوله أقوى.
وفيه :
أولا : أنّه لو تمّ فانّما يقتضي تقليد الميّت إذا كان الظنّ الحاصل من قوله أقوى من قول الحيّ. وأمّا في صورة التساوي فلا إلاّ بضميمة دعوى عدم القول بالفصل ، لأنّ العمل بقول الميّت مع وجود الحي المساوي موقوف على حكم العقل بالتخيير بينهما ، والتخيير العقلي لا يجتمع مع احتمال المرجّح. وما ذكر من الأدلّة لو لم يقتض تعيّن قول الحيّ وترجّحه على قول الميّت ،
__________________
(١) كذا ، والمناسب : حلب.
(٢) القوانين ٢ : ٢٦٥ ـ ٢٧٠.