الثالث : إمكان دعوى الاتّفاق على سقوط إنكار العوام والمقلّدين عن درجة الاعتبار في جميع المقامات ، حتّى الترجيح. نعم ، قضية ما أسّسه الفاضل القمّي رحمهالله من الأصل كون المقلّد كالمجتهد في الأخذ بالأمارات كائنا ما كان ، ولكنّه لم أجد موافقا له في ذلك ، كما مرّ غير مرّة ؛ فإنّ كلّ من أجاز التقليد جعله من الظنون الخاصّة الثابت حجيتها بالدليل ، لا من الظنون المطلقة الناشئة من الدليل الرابع في حق المقلد.
وبالجملة ، ما ذكره الجماعة في منع صغرى الدليل المزبور بعد تسليمه مما لا يقدح في تماميّته ؛ لأنّ حصول الأقوى من الأدون بملاحظة موافقته لبعض الامور وعدمه سيّان في عدم مصادمته ومقاومته لقول الأعلم. نعم ، يمكن المناقشة في الصغرى بوجه آخر ؛ لأنّ قول المفضول ربما يكون مفيدا للظنّ الأقوى من حيث الأمور الداخلية ، مثل أن يكون قوّة الظن مستندة إلى فحصه وبذل جهده زيادة عمّا يعتبر في اجتهاد المجتهدين من الفحص ؛ فإنّ هذا الظن مستند إلى قول المفضول نفسه ، فيكون معتبرا لحصوله من الطريق الشرعي.
ولا يتوهم : أنّ الأعلميّة تنافي نقصان فحص الأعلم عن فحص المفضول ؛ لأنّ التعدّي عن المقدار المعتبر من الفحص ليس بواجب على المجتهد ؛ فقد يقتصر الأعلم على ذلك المقدار ويتعدّى المفضول عنه فيحصل الظن من قوله أقوى من الظن الحاصل من قول الأعلم المقتصر على القدر الواجب من الفحص ؛ لأنّ ذلك غير مناف أيضا للأعلميّة ؛ فإنّ زيادة العلم إنّما تجدي عند التساوي من جميع الجهات الداخلية المفيدة للظن. وستعرف الكلام في هذا الفرض وأنّه يحتمل فيه وجوه ثلاثة.
وربّما اجيب عن منع الصغرى :