وفي صحيحة أخرى : « وقرأ من القرآن ما شاء إلّا السجدة » (١).
وهاتان الروايتان مشتملتان على ذكر خصوص السجدة ، وهي بمعونة فهم الأصحاب وما تقدّم من رواية البزنطي محمولة على تمام السورة لا لوجوبها بسبب تلاوة جزء منها ، وإن كان حملها على خصوص آية السجدة أقرب بالنظر إلى نفس العبارة لكن ما ذكرناه كاف في حملها على ما قلناه مع عدم بعده عن العبارة أيضا.
وقد ظهر من ذلك أيضا مستند القول بالتخصيص وضعفه.
وفي الحدائق (٢) حكى رواية البزنطي على نحو المعتبرة المذكورة ، ولذا زعم انحصار دليل التعميم بالإجماع المنقول ، وليس الحال كذلك ، وإنّما الموجود عندنا في المعتبر ما ذكرناه. وهو الموافق لما حكاه في البحار من عبارته.
وبه يضعّف ما اختاره على طريقته أيضا.
ثمّ إنّه لا فرق بين قراءة تمام السورة وأبعاضها حتّى البسملة إذا نوى بها إحدى السور المذكورة ، وكذا غيرها من المشتركات إنّما يحكم بالمنع منها مع قصدها ، وإلّا بنى أصل الجواز.
ولو نوى بالبسملة ونحوها من المشتركات واحدا من السور الأربع من غير تعيين قوي لحوق المنع ؛ لاحتسابها عرفا من إحداها.
ويحتمل العدم ؛ لعدم تعيّنه في الواقع ، فلا يقع عن شيء منها وإلّا لزم الترجيح من غير مرجّح.
ثمّ إنّ الحكم يدور مدار اسم القراءة فلا منع من النظر في الآية ولا من إمرار الكلمات على الخاطر على نحو حديث النفس.
وهل يعتبر في صدقها بحيث يمكنه السماع أو يكتفى فيه بمجرّد خروج الحرف من مخرجه وإن كان ممّا لا يسمع في الغالب؟ وجهان أوجههما الأوّل.
__________________
(١) وسائل الشيعة ٢ / ٢١٨ ، باب جواز قراءة الجنب والحائض والنفساء القرآن ما عدا العزائم ح ١١ ، وفيه : « يقرءا ما شاءا ».
(٢) الحدائق الناضرة ٣ / ١٤٤.