هذا ، واعلم أن استحباب الاستبراء إنّما هو في حق المنزل ، أمّا المولج خاصّة فلا استبراء في حقّه.
وقد نصّ عليه جماعة منهم الفاضل والشهيدان (١) والمحقّق الكركي. وإطلاق الأخبار منزّل عليه ؛ لما هو المعلوم من كون العلّة فيه تنقية المخرج. ولا يفعل ذلك في مجرّد الإيلاج.
ومن التعليل المذكور في بعضها من (٢) أنّ البول لم يدع شيئا ، مضافا إلى أنّه الغالب في الجنابات ، فينصرف إليه الإطلاقات.
فتوهّم شمول الحكم للمولج أيضا كما يظهر من بعض المتأخرين حيث أورد على الجماعة بعموم الروايات والمنع من انتفاء الفائدة أو عسى أن ينزل ولا يطلع عليه فتحتبس في المجاري لكون الجماع مظنّة لنزول الماء موهون جدّا بأنّ الاحتمال المذكور ممّا يقطع بخلافه في الغالب.
على أنّه لا وجه لدوران أحكام الشرع مدار الاحتمالات البعيدة الخارجة من مجاري العادات.
واحتمل في الذكرى (٣) استحباب الاستبراء مع احتمال نزول الماء ؛ أخذا بالاحتياط ، قال : أمّا وجوب الغسل بالبلل فلا ؛ لعدم ارتفاع اليقين بالشك. وهو وجيه.
ولو شك في كون الجنابة من إنزال أو إدخال ففي جريان حكم الاستبراء وجهان ، والمتّجه عدم جريان حكم البلل الخارج قبل الاستبراء ؛ أخذا بالأصل إلّا أن يقال بأنّ قضية الإطلاقات وجوب الغسل بخروجه مطلقا ، غاية الأمر خروج ما تحقّق كون جنابته عن غير الإنزال ، فيبقى غيره مندرجا في الإطلاق.
وهو كما ترى.
وفي انسحاب استحباب الاستبراء بالنسبة إلى المرأة قولان ، اختار أوّلهما الشيخان في
__________________
(١) الذكرى : ١٠٣.
(٢) زيادة : « من » وردت في ( د ) فقط.
(٣) الذكرى ٢ / ٢٣٤.