وبالجملة فخلاف الجماعة فيه غير معلوم. وقد ذهب بعض متأخري المتأخرين إلى القول بالوجوب زعما دلالة الأخبار عليه مع ذهاب الجماعة المذكورين إليه. ومال إليه جماعة من المتأخرين كشيخنا البهائي (١) ومولانا التقي المجلسي وصاحب الذخيرة (٢) وغيرهم.
والحق هو الأوّل.
ويدلّ عليه بعد الإجماع عليه محصلا ومنقولا في كلام جماعة كالخلاف (٣) في غير موضع منه والغنية (٤) وظاهر التهذيب وشرح الجمل (٥) ، ونفي الخلاف عنه في ظاهر الوسيلة (٦) والسرائر (٧) ، الأصل مع عدم نهوض دليل على الوجوب كما ستعرف.
والقول بعدم صحة الإسناد إلى الأصل لإثبات الاستحباب كما يظهر من بعض ، الأفاضل ـ نظرا إلى أنّ الثابت بالإجماع هو القدر المشترك بين الحكمين ، ومع نفي الوجوب بالأصل ينتفي الرجحان الحاصل في ضمنه على فرضه ؛ إذ لا بقاء للجنس مع انتفاء الفصل وأصل البراءة لا يقضي بكون الرجحان الثابت هو الحاصل في ضمن الاستحباب ؛ إذ ليس شأنه إلّا نفي الحكم خاصّة ـ مدفوع بأنّ أصالة البراءة ليس من شأنها إفادة الواقع ، وإنّما قضيّتها إثبات الحكم في الظاهر.
ومن الظاهر ثبوت الاستحباب الظاهري بهما في المقام ؛ إذ من (٨) الحكم ببراءة الذمّة من الوجوب والقطع بحصول الرجحان فعلا كما هو معلوم بالإجماع ـ بل الضرورة ـ يثبت الاستحباب الظاهري ، وإن احتمل كونه ظاهر [ ا ] واجبا في الواقع.
__________________
(١) مشرق الشمسين : ٣٣٥.
(٢) ذخيرة المعاد ١ / ٦.
(٣) الخلاف ١ / ٢٢٠.
(٤) غنية النزوع : ٦٢.
(٥) الرسائل العشر : ١٦٧.
(٦) الوسيلة : ٥٤.
(٧) السرائر ١ / ١٢٤.
(٨) في ( د ) : « مع ».