الوجهين الآخرين.
حجّة الأوّل : إطلاق الكتاب ومعظم الأخبار المبيّنة للوضوء سيّما الحاكية للبناء الفعليّة مع التصريح فيها بمراعاة الترتيب بين سائر الأعضاء سوى القدمين ، فإن ذلك كالصريح في عدم اعتبار الترتيب بينهما. كيف لو وجب ذلك لاعتبره الإمام في البيان ، ولزم حكاية الراوي لها كذلك ، فإطباق الروايات الحاكية إليها كذلك على عدمه صريح في عدمه.
مضافا إلى اعتضاده بالأصل والشهرة.
ويدلّ على الثاني خصوص الصحيح : « امسح على القدمين وابدء بالشقّ الأيمن » (١).
وإطلاق الخبر : « إذا توضأ أحدكم للصلاة فليبدأ باليمين قبل الشمال جسده ». (٢)
وفي رواية أخرى أنّه عليهالسلام كان إذا توضّأ بدأ بميامنه (٣) ، أيضا.
مضافا إلى اعتضادها بالاحتياط في تحصيل اليقين بالفراغ سيّما مع القول بكون العبادات اسامي للصحيحة.
وفيه : أنّ شيئا من الأخبار المذكورة ليس صريحا في الوجوب ، فليحمل على الندب (٤) ، مضافا إلى ما في الأخيرين من الإطلاق والضعف في الإسناد ، ولا معوّل على الاحتياط بعد قضاء الأدلّة بالجواز.
وقد يقال : إنّ ما استدلّ به على عدم الترتيب مطلقة والصحيحة المذكورة مقيّدة ، فلا بدّ من حملها عليها.
قلت : مساق تلك الأخبار يأبى عن الحمل المذكور ، بل هي بمنزلة النصوص على عدم اعتبار الترتيب سيّما مع اعتضادها بفهم الأكثر ، وإعراضهم عن العمل بظاهر الصحيحة ، فالبناء على وجوب الترتيب بينهما بمجرّد ذلك مشكل جدا إلّا أنّ الاحتياط في أمثال هذه
__________________
(١) الكافي ٣ / ٢٩ ، باب مسح الرأس والقدمين ح ٢.
(٢) وسائل الشيعة ١ / ٤٥٠ ، باب وجوب الترتيب في الوضوء وجواز مسح الرجلين معا ح ٤.
(٣) الأمالي للطوسي : ٣٨٧.
(٤) زيادة في ( د ) : « لظاهر تلك الأخبار ».