وبين الجفاف ، بل قضيّة الأصل فيه بالعكس إلّا أنّ ظاهر النص مع اعتضاده بفهم الأكثر كما عرفت يعطي خلافه.
وما قد يقال من أن حصول التتابع والوضوءات البيانيّة قاض بوجوبه من جهة التأسي مدفوع بأنّ قضية ذلك فساد العمل بدونه ؛ لكونه إذن من الكيفيّات المعتبرة فيه ، وهو خلاف المعروف بين القائلين به كما مرّ إلّا أن يقال بثبوت الوجوب بذلك خاصّة ؛ نظرا إلى قيام الدليل على صحّة الوضوء مع بقاء الرطوبة كما في الصحيحة المذكورة.
وفيه أيضا تأمّل.
وثانيا بأنّ التفريق بين الغسلات من الأمور الحاصلة بسبب طروّ العوارض ، فليست المتابعة في مثله عند البيان إلّا من مقتضيات العادات كأخذ الماء بالكفّ وايصاله إلى تمام العضو بإمرار اليد ، فإن اختياره غالبا من جهة السهولة أو (١) قلّة صرف الماء.
وبذلك يظهر ضعف الاستناد إلى تلك الأخبار في وجوب شيء من تلك الخصوصيّات كما توهّمه البعض.
وبما ذكرنا عرف ضعف ما قد يستند إليه القائل (٢) بالاكتفاء بأحد الأمرين لاستناده إلى الإطلاقات بعد ادعائه أنّ غاية ما يدلّ عليه الخبران هو الفساد مع انتفاء الأمرين.
وقد عرفت ما يكشف عن فساده.
واستدلّ أيضا لاعتبار التتابع بالمستفيضة الدالّة على وجوب المتابعة بين أفعال الوضوء كالصحيح : « تابع بين الوضوء كما قال الله .. » (٣) الخبر.
وصحيحة أخرى : « اتبع وضوئك بعضه بعضا » (٤).
ويدفعه أنّ المتابعة فيها مجملة ، ويحتمل أن يراد بها الترتيب دون المعاقبة العرفيّة في
__________________
(١) في ( د ) : « و ».
(٢) زيادة في ( ب ) : « باعتبار التتابع من الاحتياط والرجوع إلى الأخبار البائنة وكذا ما استند إليه القائل ».
(٣) الكافي ٣ / ٣٤ ، باب الشك في الوضوء ومن نسيه أو قدم أو أخر ، ح ٥.
(٤) الكافي ٣ / ٣٤ ، باب الشك في الوضوء ومن نسيه أو قدم أو أخر ، ح ٤.