وظاهر ذلك موافقة أولئك في اعتبار الموالاة بالمعنى الثاني أيضا لكن لا على نحو ما ذكروه. وظاهر الصدوقين الاكتفاء بأحد الأمرين من مراعاة الجفاف والمتابعة العرفية. واختاره بعض محقّقي المتأخرين ، وعزي إلى جملة من متأخري المتأخرين الميل إليه.
وعن بعض الأفاضل اعتبار الموالاة بالمعنيين. وهو كما نصّ عليه بعض المحقّقين راجع إلى القول الثاني.
والأظهر هو الأول للصحيح : ربّما توضّأت فنفذ الماء فدعوت الجارية فأبطأت عليّ فيجف وضوئي ، فقال : « اعد » (١).
والموثق : « إذا توضّأت بعض وضوئك فعرضت لك حاجة حتّى ينشف وضوؤك فأعد وضوءك فإنّ الوضوء لا يبعّض » (٢) ؛ إذ ظاهر إطلاقهما إناطة الإعادة على الجفاف لعدم ظهور الفرض المذكور فيهما في حصول التفريق عرفا ؛ إذ مجرّد الإبطاء وطروّ الحاجة أعمّ منه ، وفرض الجفاف لا يقتضيه ؛ لاختلافه باختلاف الأحوال وكثرة استعمال الماء وقلّته ، وسرعة إيصال الماء إلى أجزاء العضو وبطوئه.
ويعضده فهم الجمهور ، مضافا إلى التعليل المذكور في الأخير ؛ إذ ظاهره عدم الاكتفاء بالأفعال الباقية بعد جفاف السابقة.
وكأنّ الوجه في عدّه تبعيضا تنزيل الجفاف منزلة انعدام الغسل.
وحمله عن النهي عن التفريق بإرادته من لفظ التبعيض مع بعده في المقام موهون بأنّ ما يدلّ عليه الرواية إذن استناد الفساد إلى انتفاء التتابع دون طروّ الجفاف ، وهم لا يقولون به كما عرفت.
ويؤيّد ما قلناه أنّه قضية الأصل ، فإنّ ظواهر الإطلاقات جواز الإتيان بالغسلات كيفما اتفقت خرج عنه صورة الجفاف بالنصّ والإجماع ، فيبقى الباقي مندرجا في الإطلاق.
وهذا كما ترى إنّما يقوم حجّة على من يقول باعتبار التتابع بالخصوص دون من تخيّر بينه
__________________
(١) الكافي ٣ / ٣٥ ، باب الشك في الوضوء ومن نسيه أو قدم أو أخر ، ح ٨.
(٢) الكافي ٣ / ٣٥ ، باب الشك في الوضوء ومن نسيه أو قدم أو أخر ، ح ٧.