عرفت ، فلا فرق إذن بينه وبين حصوله من دون تعمد في عدم تحقق العصيان ، فلا وجه إذن لتكليفه بهذا الحرج الشديد مع إذن الشارع في فعله كما دلّ عليه غير واحد من الأخبار.
وربّما ينبغي القول به على المنع من دون تعمد الجنابة كما قد يومي إليه عبارة الإسكافي.
وقد عرفت ضعفه.
حجة الشيخين (١) أربع (٢) روايات :
منها : صحيحة محمّد بن مسلم ، عن رجل يصيبه الجنابة في أرض باردة ولا يجد الماء وعسى أن يكون الماء جامدا؟ فقال : « يغتسل على ما كان حدثه أجل إنه فعل ذلك فمرض شهرا من البرد ، فقال : اغتسل على ما كان ، فإنه لا بدّ من الغسل.
وذكر الصادق عليهالسلام أنه اضطر إليه هو فأتوه به مسخنا ، وقال : « لا بدّ من الغسل » (٣).
ونحو منه صحيحة الأقطع ، ومرفوعة علي بن أحمد ، عن الصادق عليهالسلام عن مجدور أصابته جنابة ، قال : « إن أجنب نفسه فليغتسل ، وإن كان احتلم فليتمم » (٤).
[ و ] مرفوعة علي بن ابراهيم المضمر قال : « إن أجنب نفسه فعليه أن يغتسل على ما كان منه ، وإن احتلم فليتيمم » (٥).
وأنت خبير بعدم مقاومة هذه الأخبار لما ذكرناه لو كانت صريحة في المقصود.
كيف ، والصحيحتان لا دلالة فيهما على حكم المتعمد (٦) ، فهما متعارضان بما أشرنا إليه من الإطلاقات مع تكثّرها واعتضادها بالعقل والنقل والعمل ، فلا مناصّ من طرحهما وإرجاعهما إلى قائلهما مع احتمال حملهما على التقية ؛ إذ لا صراحة فيهما على جواز التيمّم مع خوف التلف.
ومذهب جماعة من العامّة كالشافعي وابن حنبل والحسن البصري وغيرهم اقتصار
__________________
(١) انظر : الخلاف ١ / ١٥٧.
(٢) في ( ب ) : « مع » بدل : « أربع ».
(٣) الإستبصار ١ / ١٦٣ ، باب الجنب إذا تيمم وصلى هل تجب عليه الإعادة أم لاح (٥٦٤) ٩.
(٤) الكافي ٣ / ٦٨ ، باب الكسير والمجدور.
(٥) تهذيب الأحكام ١ / ١٩٨.
(٦) في ( ب ) : « التعمد ».