ولا فرق بين تعمّده الجنابة على الحال المذكور وغيره على المعروف بين الأصحاب.
وعن الشيخين في المقنعة (١) والخلاف (٢) أن من أجنب مختارا وجب عليه الغسل وإن خاف به على نفسه.
وعن الشيخ في النهاية والمبسوط : إن خاف التلف على نفسه يتيمم ويصلي ويعيد الصلاة إذا وجد الماء واغتسل.
وفصّل صاحب الوسائل ، فأوجب الغسل ولو مع حمل (٣) الضرر الشديد إلا إذا خاف التلف ، فيتيمّم.
والأقوى الأول ؛ لما دلّ على انتقال الحكم إلى التيمّم عند الخوف من الضرر ، والمعتبرة المستفيضة المشتملة على الصحاح وغيرها الآمرة بالتيمم لمن أصابه جنابة وهو مجدور أو به القروح أو الجروح أو يخاف البرد على اختلاف مورد تلك الأخبار.
نعم ، ورد في بعضها الأمر بإعادة الصلاة عند الأمن من البرد ، وهي حجة الشيخ على لزوم الإعادة ، وهي محمولة على الاستحباب ؛ لخلوّ غيرها منه ، وإن قضية الأمر الإجزاء.
مضافا إلى ما دلّ على المنع من إلقاء النفس إلى التهلكة ، وعدم تعلق التكليف بما يوجب الحرج والضرر ، مع تأيّدها بالشهرة العظيمة بين الطائفة ، وموافقة الكتاب والسنّة والعقل من الأمر بحفظ النفس ، بل ينبغي القطع بالمنع في صورة الخوف من تلف النفس كما هو مذهب (٤) الشيخين ، فلا وجه لترك الأحكام المعلومة من العقل وضرورة الشرع بمجرد ظواهر الإطلاقات مطرحة عند (٥) الأصحاب.
مضافا إلى أن تعمد الجنابة في الصورة المذكورة ليست مجزية إلا بعد دخول الوقت كما
__________________
(١) المقنعة : ٦٠.
(٢) الخلاف ١ / ١٦٥.
(٣) في ( د ) : « تحمّل ».
(٤) في ( د ) : « فتوى ».
(٥) في ( ب ) : « بين » بدل : « عند ».