ومنشأ الخلاف الواقع بينهم اختلاف أهل اللغة في معنى الصعيد ؛ (١) لتعلق التيمّم به في نصّ الكتاب ، فعن تغلب والزجاج (٢) أنه وجه الأرض ترابا كان أو غيره.
وحكاه الخليل عن ابن الأعرابي. وبه فسّره الزمخشري في الأساس والمطرزي في المغرب والأزهري في المصباح المنير والراغب (٣) في المفردات.
وفي الأخير بعد التفسير المذكور : ويقال : الصعيد في كلّ كلام العرب يطلق على وجوه على التراب الذي على وجه الأرض ، وعلى الطريق.
وفيه شهادة على أن أصل المعنى هو الأول ، والثاني مما يطلق عليه اللفظ ، ولا دلالة فيه على كونه خصوص المستعمل فيه ، فقد يكون إطلاقه عليه من جهة أنه من مصاديق وجه الأرض (٤).
قال : وهذا يوافق مذهب أصحابنا في أن التيمّم يجوز بالحجر سواء كان تراب أو لم يكن.
وحكي عن الزجاج أيضا في علة تسمية ذلك صعيدا أنه نهاية ما يصعد من باطن الأرض. فيكون فعيلا بمعنى الفاعل كما نصّ عليه غير واحد من المفسرين.
وعن الجوهري (٥) وابن الفارسي (٦) في المجمل أنه التراب (٧) الخالص الذي لا يخالطه سبخ ولا رمل.
وأنت خبير بأن هذه الأقوال لا يعادل الأقوال السابقة مع اعتضادها بما عرفت ، مضافا إلى الشهرة بين الأصحاب وموافقته في الجملة عن المنقول عن الأكثر ، فيما رواه في معاني
__________________
(١) في ( ألف ) : « الصعيد و ».
(٢) نقل عنهما في مجمع البيان ٣ / ٩٤.
(٣) مفردات غريب القرآن : ٢٨٠ ( صعد ).
(٤) زيادة في ( د ) : « وحكى الطبرسيّ عن الزجّاج أنّه قال : لا أعلم خلافا بين أهل اللّغة في أنّ الصعيد وجه الأرض ».
(٥) الصحاح ٢ / ٤٩٧ ( صعد ).
(٦) في ( د ) : « فارس » بدل « الفارسي ».
(٧) زيادة في ( د ) : « وعن ابن دريد في الجمهرة عن أبي عبيدة أنّه التراب ».