ولصدق جعل كلّ مسألة منها مسألة من ذلك العلم وبعضاً منه ، وعدم صدق جعلها من الملكة وبعضاً منها.
ويرد على الثاني : أنّه إن أُريد بدخول العلم بالبعض في الفقه صدقه وحمله عليه بالمواطاة ، فهو من الوهن بمكان ، إذ الفقه كغيره من العلوم ليس عبارة عن العلم بمسألة ؛ لأخذ الكثرة وملحوظيّتها في مفهومات العلوم ومصاديقها واعتبارها في أوصافها ، لا أنّها كأسماء الأجناس الصادقة على القليل والكثير ، كالماء بالنسبة للقطرة والغدير.
وإنْ أُريد كون المعلوم من جملة مسائل الفقه ، فإنّما يفيد علم المتجزّئ ببعض مسائله وكونه حجّة عليه لو سلّم ، لا صدق الفقه على علمه ولا كونه فقيهاً كما هو المدّعى.
فالإنصاف : أنْ يراد بالأحكام أو المسائل في سائر العلوم الجمل المعتدّ بها منها ، والقدر الكافي في ترتّب الآثار والأغراض الناشئة بحيث يصدق عرفاً العالم بها أنّه عالم بمسائل العلم ، وذلك العلم غالباً ينفكّ عن المَلَكَة ، لا كلّ ما يصلح للاندراج في مسائل ذلك الفنّ من الفروض النادرة والأحكام غير المنتشرة ، ولا أنّها أسماء بإزاء المَلَكَة فقط ، فلا بدّ مع تلك المَلَكَة من اطّلاع ذويها على القدر المذكور ، فلا مشاحّة حينئذ في وضع تلك الأسامي بإزاء علم صاحب المَلَكَة بتلك المسائل ، أو بإزائها أو بإزائهما معاً. والردُّ إلى العرف بنفي الجهل وعدم الصدق على الغافل والنائم والذاهل لا ينفي اعتبار العلم بالفعل ؛ لقيام التصديقات والإدراكات والأفهام بالنفوس والأرواح ، لا بالأبدان والأجسام. هذا كلّه في معنى الجزءين المادّيين ، أعني : المتضايفين.
وأمّا الثالث وهو الجزء الصوري أعني : المعنى النسبي ، المنتسبين والإضافة ، المدلول عليهما بالمتضايفين فهو ما ذكروه في وجه الفرق بين إضافة اسم المعنى واسم العين بعد اشتراكهما في إفادة مطلق الاختصاص ، فهو أنّ إضافة الأوّل تفيد