اختلاف الفقهاء في الفتاوى
قال أيّده الله وساعده وأسعده وسدّده ـ : مسألة : ( قد آل الحال بين مجتهدي علمائنا وأخباريّيهم إلى إبطال أكثر أقوالهم وفتاويهم ، ولازم ذلك عدم صحّة صلاة مقلّديهم عند التخالف ، بمعنى : مقلّدي المجتهدين إذا أمّوا الأخباريين ، وبالعكس.
إنّي لم أقف على تصريح فيه من أحد منهم ، إلّا إنّه الظاهر من أكثر عباراتهم في التخطئة في أُمّهات المسائل ، وناهيك بـ ( هداية الأبرار ) من كتاب كاشف عن المعنى الأستار ، وكذلك ( الفوائد المدنيّة ) ، وكذلك كتاب ( الأخبار ) وحدائقُ مولانا المشار إليه آنفاً ، ومقدّمات ( شرح المفاتيح ) و ( المفاتيح ) نفسها ، وما لا يأتي عليه قلم الإحصاء تصريحاً تارةً وتلويحاً اخرى على وجه لا يقبلُ الجمع بوجهٍ من الوجوه ، وأنتم ممّن لا يخفى عليه الوجه ).
أقول وبالله الثقة ونيل المأمول ـ : إنّ تحقيق المرام في هذا المقام يتوقّف على بيان منشأ اختلاف أُولئك الأعلام ، فاعلم أنّ اختلافهم أنّما نشأ من أُمور :
الأوّل : اختلاف الأخبار الواردة عن الأئمّة الأطهار ، وذلك أيضاً أنّما نشأ من أُمور :
أحدها : التقيّة ، وهي أقوى الأسباب في هذا الباب ؛ لأنّهم عليهمالسلام لم يزالوا في زاوية التقيّة والإغضاء والغضّ عن كلّ محنة وبليّة ، فيخالفون بين الأحكام وإنْ لم يحضر أحدٌ من أُولئك الطغاة الطغام اللئام ، محافظة وخوفاً على شيعتهم الكرام ؛ إذ بعدمهم يؤول الدين إلى الانهدام ، فيجيبون في المسألة الواحدة بأجوبة غير متّحدة. والأخبارُ في هذا المعنى أكثر من أنْ تحصى وأجلّ من أنْ تستقصى.
فمنها : ما رواه ثقة الإسلام وعلم الأعلام في ( الكافي ) موثّقاً عن زرارة ، عن الباقر عليهالسلام ، قال : سألته عن مسألة فأجابني فيها ، ثمّ جاء رجل آخر فسأله عنها فأجابه بخلاف ما أجابني ، ثمّ جاء رجل آخر فأجابه بخلافِ ما أجابني وأجاب صاحبي ، فلمّا خرج الرجلان قلتُ : يا ابن رسول الله ، رجلان من العراق من شيعتكم قدما يسألان فأجبتَ كلّ واحد منهما بغير ما أجبت به صاحبه؟
فقال : « يا زرارة ، هذا خير لنا ولكم ، فلو اجتمعتم على أمر واحد لصدّقكم علينا الناس ولكان