المراد من هذه الآية بشهادة السياق.
وقوله تعالى ( لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ) (١). وجه الاستدلال : أنّهُ أثبتَ للعلماء استنباطاً ، ولا وصف بالاستنباط إلّا مع عدم السماع.
والجَوابُ : أنّ المراد بالمستنبطينَ الأئمّة عليهمالسلام ؛ لسياق ما قبلها من قوله تعالى ( وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ ) (٢) ، ولقول الباقر عليهالسلام في تفسيرها : إنّهم « هم الأئمّة » (٣) ، ولقول الرضا عليهالسلام : « يعني آل محمّد ، وهم الّذين يستنبطون [ من (٤) ] القرآن ويعرفون الحلال والحرام » (٥).
الثاني : أحاديث وجوب التمسّك به والعرض عليه التي تقدّمت.
ووجه استدلالهم : أنّ القرآن لو فرض أنّه لا يعلم إلّا بالخبر لم يكن للعرض عليه فائدة ، وللزوم الدور ؛ لتوقّفه على غيره.
وأُجيب بوجوه :
الأوّل : ما قاله فقيه ( الحدائق ) من أنّ تفسيرهم عليهمالسلام أنّما هو حكاية مراد الله ، فالأخذ بتفسيرهم أخذ بالكتاب (٦).
وما ردّ به من أنّه ليس يكون أوّلاً حكم أصلاً ، ممنوع ؛ لأنّا لا نسلّم أنّه ليس يكون أوّلاً حكم أصلاً ، بل هو حكم مكنون مخزون لا يجوز أخذه إلّا من أهله.
وردّه أيضاً الشيخ محمّد آل عبد الجبّار باستلزامه اختصاص العرض بالسنّة فقط دون الكتاب ، مع ورود العرض عليه في الأخبار الكثيرة معها تارةً ووحدَهُ اخرى ، مع أنّ كون الأخذ بقولهم أخذاً بالقرآن غير مجدٍ ؛ لأنّه إنْ كان في نفس الأمر وإنْ لم يظهر لنا وجهه فحقّ ، وإنْ كان هو حكم الله الواقعيّ بما ظهر لنا مع أنّه لا يقول بأنّ الأحكام كلّها يقينيّة فكيفَ يكون الأخذ به أخذاً بالقرآن؟.
وفيه : أنّه لا ملازمة بين كون تفسيرهم حكاية مراده تعالى وبين اختصاص العرض
__________________
(١) النساء : ٨٣. (٢) النساء : ٨٣.
(٣) جوامع الجامع ١ : ٢٧٤. (٤) من المصدر.
(٥) تفسير العياشي ١ : ٢٨٧ / ٢٠٦.
(٦) الحدائق الناضرة ١ : ٣٠.