ووجهُ الاستدلال : أنّهم عليهمالسلام يقرءونها على السائل ويصدّق بها بعد أنْ فهم معناها بدون التفسير.
وفيه : أنّ هذا عليهم لا لهم.
أمّا أوّلاً ؛ فلأنّه لو فهم المراد من الآية لم يحتج إلى سُؤالهم.
وأمّا ثانياً ؛ فلأنّ تصديقه بها بدون التفسير غير مسلّم ؛ لأنّ الذي يجيبون به عليهمالسلام هُوَ التفسير.
وأمّا ثالثاً ؛ فلاحتمال أنْ يكون قد تعلّم تفسيرها عند تعلّم ألفاظها ، كما هو المتداول في العصر الأوّل ، ويؤيّده قول الصادق عليهالسلام في صحيح زرارة ومحمّد بن مسلم : « إنْ كان قد قرأت عليه آية التقصير وفُسّرَتْ لهُ فَصلّى أربعاً أعاد » (١).
الرابع : أنّه إذا لم يجز تفسيرهُ إلّا بالأثر منهم عليهمالسلام كان كاللّغز والمُعمّى الذي لا يعرف إلّا بالتفسير ، وانتفى وصفه بأنّه عربيّ وأنّه تبيان لكلّ شيءٍ.
وفيه : أنّ الفائدة في عدم الرخصة في التفسير ظاهرة ؛ لما رواهُ الشيخ في ( التهذيب ) عن عاصم ، قال : حدّثني مولى لسلمان ، عن عبِيدَة السلماني ، أنّه قال : سمعت عليّاً عليهالسلام يقول : « يا أيّها الناسُ ، اتّقوا اللهَ وَلا تفتوا النّاس بما لا تعلمون ، فإنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قد قال قولاً آل منهُ إلى غَيْره ، وقد قال قولاً من وضعه غير موضعه كذب عليه ». فقام عبِيدَة وعلقمة والأسود وأُناسٌ معهم ، فقالوا : يا أمير المؤمنين ، فما نصنع بما قد خبّر به نبيَّهُ (٢) في المصحَفِ؟ فقال : « يسألُ عن ذلكَ آل محمَّد صلىاللهعليهوآله » (٣).
وفي خبر آخر « إنّما القرآن أمثال لقوم [ يعلمون (٤) ] دون غيرهم ، ولقوم يتلونه حَقّ تلاوته ، وهم الذين يؤمنون به ويعرفونه ، وأمّا غيرهم فما أشدَّ إشكاله عليهم وأبعده من مذاهب قلوبهم إلى أنْ قال وإنّما أرادَ الله بتعميته في ذلكَ أنْ ينتهوا إلى بابه وصراطه ، ويعبدوه وينتهوا في قوله إلى طاعة القوّام بكتابه ، والنّاطقين عن أمره ، وأنْ يستنبطوا ما احتاجوا إليه من ذلك عنهم لا عن
__________________
(١) الفقيه ١ : ٢٧٩ / ٢٦٦ ، تهذيب الأحكام ٣ : ٢٢٦ / ٥٧١ ، الوسائل ٨ : ٥٠٦ ، أبواب صلاة المسافر ، ب ١٧ ، ح ٤. (٢) في المصدر : ( خبّرنا به ) بدل : ( خبّر به نبيّه ).
(٣) تهذيب الأحكام ٦ : ٢٩٥ / ٨٢٣. (٤) من المصدر.