ضدّه الخاصّ أم العامّ ، وفي أنّ الأمر والنهي هل يصحّ اتّحاد متعلّقهما وحدة شخصيّة بحيث يتعلّقان بجزئي ذي جهتين يجب بإحداهما ويحرم بالأُخرى ؛ لاندراجه تحت كلّيّتين بينهما عموم من وجه أم لا؟.
وكالخلاف في ثبوت الحقائق الشرعيّة وعدمه ، والخلاف في حجّيّة المفاهيم ، كمفهوم الشرط والصفة وغيرهما ، وعدمها ، والخلاف في حجّيّة البراءة الأصليّة ، والاستصحاب ، وخبر الواحد ، إلى غير ذلك.
الثالث : اختلافهم رضوان الله عليهم في الأنظار والفهم والاعتبار.
وهنا أمر رابع ، ذكره العلّامة أبو الحسن الشيخ سليمان بن عبد الله الماحوزي ، حيثُ قال في بعض رسائله : أكثر الخلاف الواقع في الشريعة أنّما نشأ من أمرين :
أحدهما : الاختلاف في الأُصول والقواعد التي تبنى عليها فروع الفقه وعدم التفطّن لها.
والثاني : تكلّم مَنْ ليس له قدمٌ في هذه الصناعة ولا حظٌّ وافرٌ من هذه البضاعة ، كما أشار إليه أمير المؤمنين عليهالسلام بقوله : « العلم نقطة كثّرها الجاهلون » (١).
فلو أنّ جميع المحصّلين عمدوا أوّلاً إلى تحقيق الأُصول واستفرغوا الوسعَ في تمهيدها وبذلوا الجهد في تحديدها وبيانها وتشييدها ، وكان مرمى قصدهم هو وجه الله سبحانه وإرادة رضاه ، وأخلصوا النيّة في ذلك ولم تسرع نفوسهم إلى الشوائب المكدّرة للإخلاص ، وجاهدوا في ذلك حقّ المجاهدة ؛ لهداهم الله سبحانه إلى دينه القويم ومنهاجه المستقيم ؛ لأنّه سبحانه يقول ( وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا ) (٢).
ولو أنّ الجهّال صمتوا وكفّوا عن التكلّم في الفروع لم يكد يقع خلاف في فروع الشريعة ولا في أُصولها.
ومن ثمّ ذكر صاحب ( رسائل إخوان الصفا ) : ( إنّ الخطأ في كلّ صناعة أنّما نشأ من
__________________
(١) غوالي اللئلئ ٤ : ١٢٩ / ٢٢٣.
(٢) العنكبوت : ٦٩.