على الأخذ بأخبار التقيّة الموافقة لهم كالأخبار السابقة ، وبين ما دلّ على تركه كالمقبولة الحنظليّة (١) والمرفوعة الزراريّة (٢).
ولعلّ الجواب بحمل ما دلّ على ترك أخبار التقيّة الموافقة لهم على ما إذا خالف حكمها حكم الكتاب والسنّة ، أو بتخصيص هذا الحكم بحالة التعارض ، أو بحمله على حال السعة وعدم الضرورة.
وأجاب المحقّق الكاشاني في ( الوافي ) : ( بحمل ما دلّ على الأخذ وما دلّ على الترك ؛ بحمل الأوّل على حالة العمل ، والثاني على حالة العلم والاعتقاد بأنّه حقٌّ ، والله العالم. وإنْ لم يكن ناشئاً عمّا ذكر لزم التناقض بينها ؛ لابتنائها على ما لم يرد التمسّك به والتعويل عليه والركون إليه ، فإنّهم إنّما يقولون : هذا حكم الله بحسب ظنّي ، وما هو كذلك يجوز لمقلّدي العمل به ) (٣). وسيأتي ما يرد عليه مفصّلاً إنْ شاء الله تعالى.
وهذا التفصيل هُو الحقّ الحقيق بالاتّباع وإنْ كان قليل الأتباع.
إذا صحَّ منك الودُّ يا غايةَ المُنى |
|
فكلُّ الذي فوق الترابِ ترابُ |
ثمّ نقول : قول السائل الفاضل سلّمه الله ـ : ( قد آل الحال بين مجتهدي علمائنا وأخبارييهم إلى إبطال أكثر أقوالهم وفتاويهم ، ولازم ذلك عدم صحّة صلاة مقلّديهم عند التخالف ).
فيه نظر : أمّا أوّلاً ؛ فلأنّ هذا ليس مختصّاً بهذين الفريقين ، بل عامّ لكلّ فريق.
وأمّا ثانياً ؛ فلأنّ ما جرى بينهم أنّما هو من باب الردّ والمعارضة ، والنقض والإبرام ، والمجادلة بالتي هي أحسن كما أمر به عزّ شأنه ، ولولاه لخفي الحقّ ولم يتّضح.
وأكثر ما وقع لمولانا الأمين الأسترآبادي والمولى الملّا محسن الكاشاني على ما وقفنا عليه من كلامه ممّا يدور مدار هذا الشأن ، فإنّه في كتاب ( الحقائق ) الذي قال
__________________
(١) الكافي ١ : ٦٧ / ١٠ ، التهذيب ٦ : ٣٠١ / ٨٤٥ ، الوسائل ٢٧ : ١٠٦ ، أبواب صفات القاضي ، ب ٩ ، ح ١.
(٢) غوالي اللئلئ ٤ : ١٣٣ / ٢٢٩.
(٣) الوافي ١ : ٢٩٢.