في آخره : إنّه آخر مصنّفاته (١) في ذكر افتراق الناس بعد النبيّ صلىاللهعليهوآله ، وذكر سيرة الشيعة الإماميّة في الاقتصار على اتّباع المحكمات في العقائد والأحكام قال :
( أمّا ما ترى من اجتهاد بعض متأخّري أصحابنا وتدوينهم الأُصول وخوضهم في الفضول ، فإنّما ذلك لشبهة جرت فيهم من مخالفيهم كما بيّنا وجهه في مسفوراتنا ، مع احتمال أنْ يكون سبب حدوثه [ فيهم (٢) ] أوّلاً لمصلحةٍ رأوها ومماشاةٍ مع مخالفيهم راعوها ، لئلّا يزعموا أنّ دقائق العلم ليست فينا ، ثمّ صار ذلك شبهة لمَنْ تأخّر عنهم فسرت (٣) فيهم ثمّ سرت في ذويهم ، وعلى التقديرين فليس ذلك قادحاً في منزلتهم العليا ولا سبباً لإلحاقهم بالفرقة الأُولى حاشاهم عن ذلك ، فإنّ لهم حقوقاً جمّة على الفرقة الناجية الجليلة بترويجهم المذهب الحقّ بمساعيهم الجميلة ورفعهم جلّ التقيّة عن كثير من العباد والبلاد ، فجزاهم الله عنّا خير الجزاء ) (٤). انتهى ما أردنا نقله من كلامه ، زِيد في إكرامه.
وكذا من حذا حذوهما ، كمولانا الحرّ وشيخنا المحقّق المنصف الشيخ يوسف ، لم يكن قصدهم إلّا إحقاق الحقّ وإزهاق الباطل ، فإنّه في آخر المقدّمة الثانية عشرة من مقدّمات حدائقه في ذكر عدم الفرق بين الفريقين وسدّ باب التشنيع من البين ، واعترافه بمناقشة بعضهم بعضاً في جزئيات المسائل واختلافهم في تطبيق الدلائل قال : ( وحينئذ فالأولى والأليق بذوي الإيمان ، والأحرى والأنسب في هذا الشأن ، هو أنْ يقال : إنّ عمل علماء الفرقة المحقّة وأهل الشريعة الحقّة أيّدهم الله بالنصر والتمكين ورفع درجاتهم في أعلى عليين سلفاً وخلفاً ، إنّما هو على مذاهب أئمّتهم صلوات الله عليهم ، وطريقهم الذي أوضحوه لديهم ، فإنّ جلالة شأنهم وسطوع برهانهم وورعهم وتقواهم المشهور ، بل المتواتر على مر الأيّام والدهور ، يمنعهم من الخروج عن تلك الجادّة القويمة والطريقة المستقيمة.
__________________
(١) الحقائق : ٣٢٥.
(٢) من المصدر.
(٣) في المصدر : ( جرت ).
(٤) الحقائق : ٢١ ٢٢.