ولكن ربّما حاد بعضهم أخبارياً كان أو مجتهداً عن الطريق غفلة أو توهّماً ، أو لقصور اطّلاع أو قصور فهم ، أو نحو ذلك في بعض المسائل ، فهو لا يوجب تشنيعاً ولا قدحاً.
وجميع تلك المسائل التي جعلوها مناط الفرق من هذا القبيل كما لا يخفى على مَنْ خاض بحار التحصيل ، فإنّا نرى كلّاً من المجتهدين والأخباريّين يختلفون في آحاد المسائل ، بل ربّما خالف أحدهم نفسه مع أنّه لا يوجبُ تشنيعاً ولا قدحاً.
وقد ذهبَ رئيس الأخباريّين الصدوق رحمهالله إلى مذاهب غريبة لم يوافقه عليها مجتهدٌ ولا إخباري ، مع أنّه لم يقدح ذلك في علمه وفضله.
ولم يرتفع صيت هذا الخلاف ، ولا وقوع هذا الاعتساف ، إلّا من زمن صاحب الفوائد المدنية سامحه الله برحمته المرضية ـ ، فإنّه قد جرّد لسان التشنيع على الأصحاب وأسهب في ذلك أيّ إسهاب ، وأكثر من التعصّبات التي لا تليق بمثله من العلماء الأطياب.
وهو وإنْ أصاب الصواب في جملة من المسائل التي ذكرها في ذلك الكتاب ، إلّا إنّها لا تخرج عمّا ذكرنا من سائر الاختلافات ، ودخولها فيما ذكرنا من التوجيهات ، وكان الأنسب بمثله حملهم على محامل السداد والرشاد إنْ لم يجد ما يدفع به عن كلامهم الفساد.
فإنّهم رضياللهعنهم لم يألوا جهداً في إقامة الدين وإحياء سنّة سيّد المرسلين ، ولا سيّما آية الله العلّامة الذي قد أكثر من الطعن عليه والملامة ، فإنّه بما ألزم به علماء الخصوم والمخالفين من الحجج القاطعة والبراهين ..
إلى أنْ قال : قد صار له من اليد العليا عليه وعلى غيره من علماء الفرقة الناجية ما يستحقّ به الثناء الجميل ومزيد التعظيم والتبجيل ، لا الذم والنسبة إلى التجهيل (١) كما اجترأ به قلمه عليه وعلى غيره من المجتهدين ) (٢). انتهى كلامه علا مقامه.
__________________
(١) في المصدر : ( تخريب الدين ).
(٢) الحدائق الناضرة ١ : ١٦٩ ١٧٠.