وهو حسنٌ إلّا إنّ ما ردّ به على المحدِّث الأمين لا وجه له ، لما عُرف من أنّ ما وقع منه ومن أضرابه أنّما هو لإحقاق الحقّ وإزهاق الباطل بالزهق.
وأمّا ما ربّما وعسى يقع من التهكّم والإزراء والتشنيع فهو من الغفلات التي تعرضُ للأريب من غير إصرار وقصد تثريب.
قال المحقّق الشيخ علي ابن العلّامة الشيخ محمّد المقابي في ( رسالة الجهر والإخفات ) في ذكر ما وقع للشيخ عبد علي صاحب الإحياء ، أخ الشيخ يوسف مع معاصريه من الإزراء : ( وما كان أغنى الكلّ عن ذلك ، فإنّ القومَ كبَني أُمٍّ واحدة قد جمعهم التوحيد والولاية ، والمسألة ليست أُصوليّة توجبُ خروج أحد الفريقين من الدين إذا أخطأ فيها.
واختلاف الأصحاب في مسائل الفروع أكثر من أنْ يحصى ، والكلّ إلى خير إنْ شاء الله ، فإنّه عاملٌ بما ظهر له من الأدلّة وذلك فرضه والمخاطبُ به ، وكذلك الآخر ، ولكن قد جرت عادة العلماء خصوصاً أهل بلدنا في إطلاق عذبة اللسان في الوقوع فيمن خالفهم في الحكم والتشنيع عليهم والسبّ ، وخصوصاً إذا لم يكن قريباً منهم ، وينسبونه إلى الجهل والفساد ، والفسق والتعصّب ، وبعد ذلك يلتمسون منه الدعاء.
وهذا هو الذي يمرض القلوبَ ويعمي ويصمّ عن رؤية القول واستماعه وإنْ كان لصاحبه تقوى يحجزه عن الوقوع في المحارم ، فإنّه بسبب مرض قلبه وسكره في غيظه لا يلتفت إليه ولا يشمّ منه شيئاً كالمزكوم ويحسب أنّه على حقّ ، ولذلك تراه عند صحوه يظهر له أمر بخلاف ما ظهر له في حال مرضه ) (١). انتهى ما أردنا نقله.
أقول : وما أشبه هذا الحال باللغو الذي قال الله فيه ( لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ ) (٢).
وبالجملة ، فما جرى بين أُولئك الأبدال غير قادحٍ بلا إشكال ، ويدلّ عليه صريحاً ما رواه الثقة في ( الكافي ) عن عليّ بن عطيّة ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : كنت عنده
__________________
(١) رسالة في الجهر والإخفات ( مخطوط ) : ١٣.
(٢) البقرة : ٢٢٥.