وسأله رجل عن رجل يجيء منه الشيء على حدّ الغضب ، يؤاخذه الله به؟ فقال : « الله أكرم من أنْ يستغلق عبده ». قال : وفي نسخة أبي الحسن الأوّل عليهالسلام : « يستقلق عبده » (١).
فهذا لسان معدن الرسالة ناطق بأنّ ما ربّما خرج منهم غير مخلّ بالعدالة ، وأنّ الله أكرم من أن يضيّق على عبده فيؤاخذه بمثل هذه المقالة ، وهذا بحمد الله واضح لمن أصلح الله باله.
وأمّا ثالثاً : فلأنّ قوله مدّ ظلّه ـ : ( ولازم ذلك ) .. إلى آخره ، لا يخفى ما فيه ؛ إذ لا ملازمة بين ما وقع وبين بطلان صلاة مقلّديهم حتى من اللزوم الغير البيّن ، مع ما يظهر ممّا تقدّم من عبائرهم من عدم ذلك ، وكون الخلاف الواقع أنّما هو في الفروع الناشئ من اختلاف الأُصول ، كالكتاب والسنّة ظاهراً ، واصلة الناشئ من اختلاف أفهامهم أو غير ذلك ، مع تصريح المحدّثين منهم والمجتهدين بجواز اقتداء المأموم بالإمام المخالف له في الفروع ، وها أنا أتلو عليك بعضاً من كلامهم :
قال الشهيد الأوّل في ( البيان ) : ( المخالف في الفروع الخلافية يجوز الاقتداء به لمَن يخالفه ، إذا كان الخلافُ ليس من أفعال الصلاة ، أو منها ولا يقتضي إبطالها عند المأموم ) (٢). انتهى.
وقال المحدث الشيخ حسين في كتاب ( السداد ) : ( والمخالف في الفروع الخلافية للمأموم يجوز الاقتداء به إذا كان الخلاف ليس في أفعال الصلاة ، أو فيها ولم يقتضِ إبطالها عند المأموم ، كما لو اعتقد الإمام وجوب القنوت والمأموم ندبه ) (٣). انتهى.
وقال الشيخ محمّد ابن الشيخ عبد علي آل عبد الجبّار ، وقد سئل هل يشترط اتّفاقهم في الأُصول والفروع أم لا؟.
فأجاب : بـ : أنّ اشتراط الاتّفاق في الأُصول غير ظاهر ، إذ لا تفاوت عند الإماميّة في الأُصول الدينية ولا يضرّ اختلافهم في بعض المسائل النظريّة التي لا توجب
__________________
(١) الكافي ٨ : ٢١١ / ٣٦٠.
(٢) البيان : ٢٢٩.
(٣) سداد العباد : ٢٦٠.