القدماء والمتأخّرين في تقسيم علماء الإماميّة إلى اصوليين وأخباريين ، وإنّي بعد النظر التامّ وتمام الخوض في أخبار الأئمّة عليهمالسلام لم أجد فرقاً بين الفريقين في المقام ، والعلماء من الجانبين على تقدير الفرق في أعلى محلّ ، والجهّال المدّعُونَ للعلم وليسوا من أهله في الدرك الأسفل.
فكلّ من رأيتموه من العلماء الأعلام راجعاً إلى الأئمّة عليهمالسلام في جميع الأحكام عوّلوا عليه وارجعوا في الأحكام إليه ، وصلّوا خلفه جماعة ، وأعدّوا الركون إليه من أحسن البضاعة.
وإنْ رأيتم شخصاً يطعن بالعلماء وينسبهم إلى مخالفة جبّار الأرض والسماء فتباعدوا عنه ولا تأخذوا دينكم عنه ، ألا وإنّي رأيتُ قوماً ينسبُونَ أنفسهم إلى الأخباريّة وآخرين ينتسبون إلى الأُصوليّة وكلّ من الفريقين لا يعبأ بهم ؛ لأنّهم محسوبون من أعداد الجهّال لا العلماء.
وأمّا العلماء من الأُصوليّين والأخباريّين فإنّي استشفعُ بهم إلى اللهِ في قضاء مقاصد الدنيا والدين ، واستسقي بهم الغمامَ عند غور الأنهار وقلّة الأمطار ، والسلام ). انتهى كلامه ، علت في الخلد أقدامه.
وقد صرّح السيد كاظم الحسني الرشتي في ( دليل المتحيّرين ) بأنّ اختلاف هذين الفريقين لا يوجب كفراً ولا فسقاً ، قال بعد ذكر ما جرى بين الكشفيّة والبالاسرية ـ : ( وأين هذه من مسألة الأُصوليّة والأخباريّة ، فإنّ اختلافهما لا يوجب كفراً ولا فسقاً ، وإنّما هما من قبيل قوله عليهالسلام : « نحن أوقعنا الخلاف بينكم ، فراعيكم الذي استرعاه الله أمر غنمه أعلم بمصالح غنمه ، إنْ شاء فرّق بينها لتسلم وإنْ شاء جمع بينها لتسلم » (١) ). انتهى كلامه ، علت في الفردوس أقدامه.
وبالجملة ، فإنّي لم أقف على عبارة من الفريقين تدلّ على ترك الاقتداء بأحد من الفريقين عند التخالف.
__________________
(١) رجال الكشّي ١ : ٣٥٠ / ٢٢١ ، البحار ٢ : ٢٤٧ / ٥٩ باختلاف.