بغير علم ، فضلّوا وأضلّوا » (١).
ومثله ما في ( الكافي ) عن أبي عبد الله عليهالسلام : « إنّ الله لا يقبض العلم بعد ما يهبطه ، ولكن يموت العالم فيذهب بما يعلم ، فتليهم الجفاة ، فيضلّون ويضلّون » (٢).
وأجابوا عن حجّة المانعين بأنّ أقصى دلالة الخبرين وجود مطلق العالم ، ولا دلالة له على وجود المجتهد بالمعنى المصطلح ، ولا دلالة للعامّ على الخاصّ ، بل ظاهرهما إرادة المعصوم ، وليس في محلّ النزاع. وبأنّ لزوم ارتفاع التكليف أو تكليف ما لا يطاق أنّما يتّجه على القول بعدم جواز تقليد الأموات ، وأمّا على القول بجوازه فلا ، على أنّا لا نسلّم بطلان ارتفاع التكليف مع عدم شرائطه مع وقوعه في كثير من الأحكام ، كإقامة الحدود والجهاد حال الغيبة. وبأنّ هذين الأمرين واردان عليهم أيضاً مع وجود المجتهد بعين ما ذكروا ، كما في حال المكلّفين النائين في وقت التكليف بالعبادة المؤقّتة ، بحيث لو سعى إليها وتعلّم أحكامها فاتت.
فإنْ أجابوهم بالتزام ارتفاع التكليف ؛ لكونه مشروطاً بالعلم ، فهو جوابنا ، فنقول : مع فقد المجتهد يرتفع التكليف ، ويكون الناس مخاطبين بتحصيل العلوم ، وبأنّ لزوم الفسق ممنوعٌ ؛ لأنّ الواجب عليهم حينئذ أنّما هو السعي والاشتغال بتحصيل شرائط الاجتهاد ، وبأنّ العلّامة صرّح بأنّ ترك الواجب الكفائي قد لا يتعقّبه إثم ، كما لو ظنّت طائفة قيام الأُخرى به (٣).
وللنظر في دليل كلا الفريقين مجالٌ ، والله العالم بحقيقة الحال.
__________________
(١) صحيح مسلم ٤ : ١٦٣٤ / ٢٦٧٣ ، كنز العمال ١٠ : ١٨٧ / ٢٨٩٨١. باختلاف.
(٢) الكافي ١ : ٣٨ / ٥.
(٣) مبادئ الوصول إلى علم الأُصول : ١٠٦.