وقال الشهيد في ( القواعد ) بعد أن ذكر أنّ حجّيّة الإجماع عندنا لدخول المعصوم عليهالسلام ـ : ( ومن هنا نسب بعضهم إلينا القول بأنّ الإجماع ليس بحجّة ، وإنّما الاختلاف في الحيثيّة ) (١). انتهى. ومراده بالحيثية ، أي لا من حيث إنّه إجماع ، بل لدخول قول المعصوم.
وقال في ( القوانين ): ( ونسبةُ بعض العامّة القول بعدم الحجّيّة إلى الشيعة افتراءٌ واشتباه لفهم مقصد الشيعة ، فإنّهم يمنعون حجّيّة الإجماع من حيث إنّه إجماع لا مطلقاً ) (٢) انتهى.
فهذا صريح في أن لا خلاف بين الإماميّة في حجّيّة الإجماع ، ومثله غيرهُ. ويمكن الجمعُ بأنّ الخلاف أنّما نشأ في هذه الأزمان ، ويدلّ عليه قول صاحب ( الفوائد الحائرية ) بأنّ ( مدار الشيعة من الكليني ومن تأخّر عنه على العمل به ) .. إلى آخره. فهذا يدلّ على حدوث الخلاف ؛ لأنّ كلامه على منكري ثبوت حجّيّة الإجماع.
واحتجّ مَنْ قال بالحجّيّة بالأخبار الكثيرة البالغة حدّ التواتر المعنوي :
١ ـ فمنها : ما تضمّنته المقبولة الحنظليّة من قوله عليهالسلام : « ينظر إلى ما كان من روايتهم عنّا في ذلك الذي حكما به ، المجمع عليه بين أصحابك ، فيؤخذ به من حكمنا ، ويترك الشاذّ الذي ليس بمشهور » (٣) وفي نسخة : « الذي ليس عند أصحابك فإنّ المجمع عليه لا ريب فيه ».
٢ ـ ومنها : قوله عليهالسلام في المرفوعة الزراريّة : « خُذْ ما اشتهر بين أصحابك ودع الشاذّ النادر » (٤).
٣ ـ ومنها : المرسلة الكلينيّة عن العالم عليهالسلام ، أنّه قال : « خذوا بالمجمع عليه فإنّ المجمع
__________________
(١) تمهيد القواعد : ٢٥١ ٢٥٢. وفيه : ( الاختلاف في الحقيقة ).
(٢) القوانين : ١٨٢.
(٣) الكافي ١ : ٦٨ / ١٠ ، الفقيه ٣ : ٦ / ١٨ ، الاحتجاج ٢ : ٢٦١ ٢٦٢ / ٢٣٢ ، الوسائل ٢٧ : ١٠٦ ، أبواب صفات القاضي ، ب ٩ ، ح ١.
(٤) غوالي اللئلئ ٤ : ١٣٣ / ٢٢٩.