الثالث : اجتماع جماعة من خواصّه عليهالسلام من العدول الثقات ، فإنّه يمكن العلم بقول الإمام ومعتقده بفتوى جماعة منهم ، كما يعلم قول الشافعي بفتوى بعض الشافعيّة ، وإذا حصل العلم بمعتقد الإمام وقوله فلا ريب في حجّيّته وحصوله حتى في مثل زماننا هذا ، وهو عام السبعين بعد المائتين والألف ، بملاحظة أقوال علمائنا ، فإنّه لا شكّ في حصول العلم بقول الإمام إذا أفتى الفقيه العدل الإمامي بحكم ، لا سيّما إذا ضمّ إليه فتوى جماعةٍ أو نسبه بعضهم في كتابه إلى مذهب علمائنا ، أو نفى الخلاف فيه ، ولو وجد المخالف ؛ لما مرّ ، فلاحظ.
فإنْ قيل : إذا كان المعتبر في حجّيّة الإجماع قول المعصوم فلا فائدة في قولكم : الإجماع حجّة ، بل كان عليكم أنْ تقولوا : الحجّة قول الإمام من غير ذكر الإجماع.
قلنا : الأمر وإن كان كذلك إلّا إنّ في اعتبارنا له فائدة ، هي أنّه قد لا يتعيّن لنا قول الإمام عليهالسلام في كثير من الأوقات ، فنحتاج حينئذ إلى اعتبار الإجماع ليعلم دخول قول المعصوم عليهالسلام في جملتهم. ولو تعيّن لنا قول المعصوم الذي هو الحجّة جزمنا بأنّه فعل الحجّة ولم نعتبر سواه على حال من الأحوال.
وأيضاً قد يدخل في المجمعين من لا يعلم اسمه ولا نسبه فنحكم بحجّيّة الإجماع حينئذ لدخول قوله عليهالسلام في أقوالهم.
وإذ تقرّر أنّ مناط حجّيّته أنّما هو الكشف عن قول المعصوم ، فهو عين الحديث حينئذ ، فلا وجه لعدّه قسماً برأسه ، بل هو داخل في السنّة بالمعنى الأعمّ ؛ لكونه حاكياً قول الإمام ضمناً ، كما أنّها حاكية له صريحاً.
وقد صرّح بعض الفضلاء العظام بأنّ رجوع الإجماع إلى السنّة قد اعترف به غير واحد من الأعلام ، وممّن صرّح به فقيه الحدائق ، فقال بعد نقل كلام ( المعتبر ) : ( وحينئذٍ فالحجّة هو قوله عليهالسلام لا مجرّد الاتّفاق ، فيرجع الكلام على تقدير ثبوت الإجماع المذكور إلى خبر ينسب إلى المعصوم إجمالاً ) (١). انتهى.
__________________
(١) الحدائق الناضرة ١ : ٣٥.