المرجّحات من علوّ الإسناد ، وكثرة الواسطة ، والأفقهيّة ، والأعدليّة ، وغير ذلك من المرجّحات.
وتحصل الصحّة والضعف بعدالة الناقل وعدمها ، والإسناد والإرسال باتّصال السند إلى ناقل وعدمه ، وحذف بعض السلسلة وعدمه ، مثل أنّ زيداً سمع من شيخه أنّ هذه المسألة إجماعيّة فقال هو : أجمع الأصحاب. بدون روايته عن شيخه ، كالشيخ إذا نقل عن المفيد ، أو روى زيد عن عمرو بحذف الواسطة وهو بكر ، كابن إدريس فإنّه يروي عن المفيد بواسطة الشيخ.
فالمنقول بالتواتر والمنقول بالخبر المحفوف بالقرائن لا ريب في حجّيّتهما ، وإنّما الخلاف في الثالث ، فنفاه جماعةٌ وأثبتهُ آخرون.
احتجّ المانعون بأنّ الإجماع أصلٌ برأسه ، والأصل إذا لم يكن يقينيّاً لم يجز بناءُ الأحكام عليه وإن كانت ظنّيّة ؛ لأنّ الأصل إذا لم يتعيّن الرجوع إليه لكونه يقينيّاً لم تُبنَ الأحكام عليه ولم يصادِم خبر الواحد إذا عارضه ، والإجماع إذا ثبت صادَمَ خبر الواحد إذا عارضه ، وخبر الواحد لا يفيد اليقين ليكون ما ثبت به يقينيّاً.
فلو فرض أنّ السنّة لا يتعيّن الرجوع إليها بقول مطلق لما جاز العمل بخبر لا يوجبُ اليقين ، وصحّة العمل به بناءً على تعيّن الرجوع إلى أصله.
وأُجيب بما تقدّم في ردّ ما أجاب به غارس ( الحدائق ) ؛ من أنّ الثابت بخبر الواحد ليس حجيّة الإجماع وثمرته الفقهيّة ، بل الثابت خصوصيّة هذه المسألة الفرعيّة (١) ، وقد تقدّم فلا نعيده ، فليراجع. مضافاً إلى جميع ما ثبتت به حجّيّة خبر الواحد من صحّة النقل وعدالة الناقل ، وعدم معارض أقوى أو مساوٍ ، فكلّ ما ثبت به حجّيّة خبر الواحد ثبت به الإجماع المنقول ، لا بالقياس على خبر الواحد.
ثمّ هذا المنقول يحتمل أنْ يكون المشهوريّ ، والمركّب ، والمحصّل ، والسكوتي. فإذا علم أنّ الإجماع المنقول كان سكوتياً ؛ لأنّه وقع عن كمال التفتيش ، كان حجّة ،
__________________
(١) الحدائق الناضرة ١ : ٣٨.