هذه القضية لزم اختلاف حكم الله بالنسبة إلى كلّ مجتهد في الوقت الواحد والمكان الواحد ، واختلاف ظنّ كلّ واحد منهم في قضية واحدة في يوم واحد.
وهذا لا يستقيم على أُصول الإماميّة ؛ لقيام البرهان على أنّ الاختلاف لا يكون في حكم الله ولا من الله ولا إلى الله ؛ لاستلزامه الهرج والمرج في دين الله ، واللازم باطل ، فالملزوم مثله بلا اشتباه.
لا يقال : الاختلاف بينكم موجود ؛ لأنّا نقول : إنّ اختلافنا وقع بأمر أئمّتنا ، واختلاف أخبارهم حفظاً لنا.
قال الشيخ الثقة الصدوق محمّد بن علي القمّي : ( إنّ أهل البيت عليهمالسلام لا يختلفون ولكن يفتون الشيعة بمرّ الحقّ ، وربّما أفتوهم بالتقيّة ، فما يختلف من قولهم فهو للتقيّة ، والتقيّة رحمة للشيعة ) (١) انتهى كلامه ، رفع مقامه.
ويؤيّد ما قاله أخبار كثيرة ، منها : ما رواه في ( الاحتجاج ) عن نصر الخثعمي ، قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : « مَنْ عرف من أمرنا أنّا لا نقول إلّا حقّا فليكتف بما يعلم منّا ، فإن سمع منّا خلاف ما يعلم فليعلم أنّ ذلك منّا دفع واختيار له » (٢).
وحاشا أنْ تكون أحكام الله مختلفة متناقضة ، وبه وردت الأخبار ، كقولهم عليهمالسلام : « أبى الله أنْ يكون له علمٌ فيه اختلافٌ » (٣).
نعم ، قد تختلف لبيان التوسعة والتخيير ، والكفاية والرخصة ، وبيان الأجناس والأنواع ، وقد تختلف باختلاف الدار بحسب الإيمان أو الهدنة والحرب ، وباختلاف الأسئلة في الزيادة والنقصان كما تظافرت به الأخبار عن الأئمة الأطهار [ على انّ شروط التناقض غير متحققة فإنّها (٤) ] وحدة الشرط ووحدة الكلّ والجزء ، ووحدة الزمان ووحدة المكان ، ووحدة الإضافة ، ووحدة القوّة والفعل ، وجمعها ملّا عبد الله
__________________
(١) معاني الأخبار : ١٥٧.
(٢) الاحتجاج ٢ : ٢٦٠ / ٢٣١. وفيه : « دفاع » بدل « دفع ».
(٣) الكافي ١ : ٢٤٣ / ١ ، البحار ١٣ : ٣٩٨ / ٤.
(٤) سقط في أصل المخطوط ، وما أثبتناه للسياق.