إلى أنْ قال : وهكذا إلى الكفّارة الواحدة ، فلو كان يقدر على العتق يجب عليه العتق ، ولو لم يستطع فصيام شهرين متتابعين ، ولو لم يستطع فعليه إطعام ستّين مسكيناً ، فلو لم يقدر على الصيام والإطعام فعليه الاستغفار. قيل : هذه الاختلافات لا تضرّ ؛ لأنّ الأحوال مختلفة.
إلى أنْ قال : النهي يحتمل الحرمة والكراهة ، فلمّا ورد نهي وورد خبر بالجواز علمنا أنّ النهي للكراهة ، لكنّهم عليهمالسلام إنْ أطلقوا النهي فإنّما يطلقون بالنظر إلى شخص يفهم من كلامهم الكراهة ، وبالنظر إلى شخص لا يفهم أو ليس قرينة تفهم يصرِّحون بها ، وبالنظر إلى شخص لا يناسب حاله ، مثل الفضلاء من أصحابه من أهل الورع والتقوى يطلقون لهم ؛ لأنّهم يعلمون أنّهم يعملون بالواجب والمندوب أيّهما كان ، وينتهون عن الحرمة والكراهة مهما كان ، وإذا لم يكونوا من أهل هذه المرتبة يرخِّصون لهم ، أو بحسب أحوالهم في الضرورة وغيرها ) انتهى كلامه ، علت أقدامه.
ويدلُّ على كلامه الأوّل ما رواه الصدوق في ( العيون ) عن عبد السلام بن صالح الهروي ، قال : قلت للرضا عليهالسلام : يا ابن رسول الله ، روي عن آبائك عليهمالسلام في مَنْ جامع في شهر رمضان ، أو أفطر فيه فعليه ثلاث كفّارات ، وروى عنهم أيضاً كفّارة واحدة ، فبأيّ الخبرين نأخذ؟ قال عليهالسلام : « بهما جميعاً ، متى جامع الرجل حراماً أو أفطر على حرام في شهر رمضان فعليه ثلاث كفّارات : عتق رقبة ، وصيام شهرين متتابعين ، وإطعام ستّين مسكيناً ، وقضاء ذلك اليوم. وإن نكح أو أفطر على حلال فعليه كفّارة واحدة ، وقضاء ذلك اليوم ، وإنْ كان ناسياً فلا شيء عليه » (١).
ومن هذا القبيل ما رواه فيه أيضاً بهذا الإسناد ، قال : قلت للرضا عليهالسلام : يا ابن رسول الله ، أخبرني عن الشجرة التي أكل منها آدم وحوّاء ما كانت؟ فقد اختلف الناس فيها ، فمنهم مَنْ يروي أنّها شجرة الحنطة ، ومنهم مَنْ يروي أنّها العنب ، ومنهم مَنْ يروي أنّها شجرة الحسد ، فقال : « كلُّ ذلك حقّ » (٢) ، ثمّ بيّن عليهالسلام حقّيّة تلك الوجوه.
__________________
(١) عيون أخبار الرضا ١ : ٣١٤ / ٨٨.
(٢) عيون أخبار الرضا ١ : ٣٠٦ / ٦٧.