وقد تقدّم في المسألة الثانية جملة وافية ونبذة كافية لمَنْ نظرهما ببصر البصيرة الصافية.
ويدلّ على التخيير عند الاختلاف أيضاً على جهة العموم ما رواه في ( الاحتجاج ) عن الحارث بن المغيرة ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : « إذا سمعت من أصحابك الحديث وكلّهم ثقة ، فموسّعٌ عليك حتى ترى القائم [ فتردّه (١) ] إليه » (٢).
وما رواه عن الحسن بن الجهم عن الرضا عليهالسلام ، قال : قلت : تجيئنا الأحاديث عنكم مختلفة ، قال : « ما جاءك عنّا فقسه على كتاب الله وأحاديثنا ، فإنْ كان يشبههما فهو منّا ، وإنْ لم يكن يشبههما فليس منّا ». قلت : يجيئنا الرجلان وكلاهما ثقة بحديثين مختلفين ، فلا نعلم أيّهما الحقّ؟ فقال : « إذا لم تعلم فموسّع عليك بأيّهما أخذت » (٣) من باب التخيير.
وعلى الخصوص ما رواه عن المهدي عليهالسلام في توقيع لمحمّد بن عبد الله الحميري حيث سأله عن المصلّي إذا قام من التشهّد الأوّل إلى الركعة الثالثة ، هل يجب عليه أنْ يكبِّر؟ فإنّ بعض أصحابنا قال : لا يجب عليه التكبير ويجزيه أنْ يقول : بحول الله وقوّته أقوم وأقعد؟.
الجواب : « إنّ فيه حديثين إلى أن قال عليهالسلام : وبأيّهما أخذت من جهة التسليم كان صواباً » (٤).
ومكاتبته الأُخرى إليه عليهالسلام حيث سأله عن اختلاف الأصحاب في رواياتهم عن أبي عبد الله عليهالسلام في ركعتي الفجر في السفر ، فروى بعضهم أنْ صلّهما في المحمل ، وروى بعضهم لا تصلّهما إلّا على الأرض ، فأعلمني كيف تصنع أنت لأقتدي بك في ذلك؟ فوقع عليهالسلام : « موسّعٌ عليك بأيّة عملت » (٥) ، أخذ به أو لا.
ولا يخفى مطابقته لظاهر أخبار التخيير سيّما خبر النبيّ بقوله عليهالسلام فيه : « يجب الأخذ بأحدهما أو بهما جميعاً أو بأيّهما شئت موسّع ذلك لك من باب التسليم لرسول الله صلىاللهعليهوآله ». وقوله
__________________
(١) في المخطوط : « فترد » ، وما أثبتناه من المصدر. (٢) الاحتجاج ٢ : ٢٦٤ / ٢٣٤.
(٣) الاحتجاج ٢ : ٢٦٤ / ٢٣٣.
(٤) الاحتجاج ٢ : ٥٦٨ ٥٦٩ / ٣٥٥.
(٥) التهذيب ٣ : ٢٢٨ / ٥٨٣ ، الوسائل ٤ : ٣٣٠ ، أبواب القبلة ، ب ١٥ ، ح ٨.