ومثل هذه التفريعات كثير في كتب التفريع ليس هذا محلّها.
ولا يخفى أنّ في الأخبار المعصومية أيَّ غنية عن هذه القواعد العاميّة والأُصول العميّة ، وإنْ لم يوجد حكم واقعة منها في الكتاب والسنّة النبوية لم يجز الحكم فيها بالآراء الردية والأهواء المردية ؛ إذ يلزم منه نقصان دين الحنيفيّة ، أو مشاركتهم لربّ البريّة ، أو عجز الرسول وأوصيائه الذريّة المهديّة ، فوكلوا إليهم أو استعانوا بهم على إتمامه بهذه المخترعات الردية.
ولا يخفى فساده بالكلّيّة على مَنْ له أدنا رويّة بالكتاب والسنّة المعصومية.
قال الله تعالى ( وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ) (١) ( وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ ) (٢) ( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) (٣) ( وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) (٤).
وقال عليّ عليهالسلام : « إنّ الله [ افترض عليكم (٥) ] فرائض فلا تضيِّعوها ، وحدَّ لكم حدوداً فلا تعتدوها ، ونهاكم عن أشياء فلا تنتهكوها ، وسكت [ لكم (٦) ] عن أشياء ولم يدعها [ نسياناً (٧) ] فلا تتكلَّفوها » (٨).
وقالوا عليهمالسلام : « إنّا لنحبّكم أن تقولوا إذا قلنا ، وأن تسكتوا إذا سكتنا » (٩).
« وإنّما الأُمور ثلاثة : أمرٌ بيّن رشده فيتَّبع ، وأمرٌ بيّن غيُّه فيجتنب ، وأمرٌ مشكل يردُّ علمه إلى الله ورسوله » (١٠).
وروى أبو بصير ، قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : ترد علينا أشياء ليس نعرفها في كتاب ولا سنّة فننظر فيها؟ فقال : « لا ، أما إنّك إن أصبت لم تؤجر ، وإنْ أخطأت كذبت على
__________________
(١) الإسراء : ٣٦. (٢) البقرة : ١٦٩ ، الأعراف : ٣٣.
(٣) النحل : ٤٣ ، الأنبياء : ٧. (٤) الحشر : ٧.
(٥) في المخطوط : « فرض لكم » ، وما أثبتناه من المصدر.
(٦) من المصدر.
(٧) من المصدر.
(٨) نهج البلاغة ( قصار الحكم ) : ١٠٥ ، الوسائل ١٥ : ٢٦٠ ، أبواب جهاد النفس ، ب ٢٤ ، ح ٨.
(٩) الكافي ١ : ٢٦٥ / ١ ، الوسائل ٢٧ : ١٢٧ ، أبواب صفات القاضي ، ب ١٠ ، ح ١٠. باختلاف.
(١٠) الكافي ١ : ٦٨ / ١٠ ، الفقيه ٣ : ٦ / ١٨ ، الوسائل ٢٧ : ١٥٧ ، أبواب صفات القاضي ، ب ١٢ ، ح ٩.