المعنى الواحد بطرق مختلفة ، والثالث يبحث فيه عن وجوه تحسين الكلام.
وقصارى هذه الثلاثة أنّما تفيد معرفة الفصاحة والأفصحيّة ، ولا حاجة لهما إلّا للترجيح ، ولم يرد الترجيح بهما حتى تتوقّف عليهما الدراية للرواية. ولا عبرة بمَنْ عدَّهما من المجتهدين لعدم ورود الترجيح بهما عن أئمّة الدين.
ومنهم مَنْ قال بالتوقّف على بعض مسائل الحساب كالجبر والمقابلة. ولا يخفى ما فيه ، فإنّ الفقيه إنّما عليه الحكم باتصال الشرطيّات كأنْ يحكم بأنّ مَنْ أقرّ بشيء لزمه.
وقال بعض بالتوقّف على بعض مسائل الهيئة كما يعلم به تقارب مطالع بعض البلاد مع بعضها أو تباعدها ، وتجويز كون الشهر ثمانية وعشرين يوماً.
وبعضٌ بالتوقّف على بعض مسائل الهندسة كالبيع بشكل العروس (١) ، وبعض مسائل الطبيعة ، كما لو احتيج إلى معرفة القَرَن.
وقال بمدخلية بعض مسائله في بعض مباحث الفقه ، ففرَّع تطهير الزيت النجس بالضرب في الماء الكثير على تركّب الجسم من الجزء الذي لا يتجزّأ ، وطهارة الكلب والخنزير والعذرة إذا صارت في المملحة فاستحالت ملحاً أو تراباً على عدم اشتراك الأجسام وعدم بقائها.
وإلحاق السُّلت في الزكاة بالحنطة الموافقة له طبعاً والشعير الموافق له صورة على اتّحاد المادة والصورة الجسميّة ، ولزوم اتّحاد الحقيقة عند اتّحاد الطبيعة الصادرة عن الصورة النوعيّة.
وردّ العصير المغصوب إلى مالكه بعد انقلابه خلّاً وعدمه ، على أنّ الذوات هل هي متساوية واختلافها بأعراض وأحوال أو متخالفة. فيجب ردّه على الأوّل ولا يجب على الثاني ؛ لأنّه غير المغصوب؟.
__________________
(١) شَكْلُ العروس : هو أنّ كل مثلث قائم الزاوية ، فإنّ مربع وتر زاويته القائمة يساوي مربعي ضلعيها ، وإنّما سُمِّي به لحسنه وجماله. موسوعة كشاف اصطلاحات الفنون والعلم ١ : ١٠٤١.