مَرِيداً ) (١) ، لعنه الله ، وقال تعالى ( رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ ) (٢) ، مع أنّه لم يرد في شيء من أسمائه وصفاته : العارف ، والخاذل ، والمقاتل ، والمعرّف ، واللاعن ، والمدخل ، والمخرج.
ومن تدبّر في الكتاب العزيز والأدعية والأخبار رأى من هذا القبيل ما لا يأتي عليه انحصار ، وما ذاك إلّا للفصل بين الإطلاقين لاختلاف الطريقين.
ثانياً : إنّا لو تنزّلنا وسلمنا عدم صلوح هذه المعاني لعدم ورود إطلاقها عليه تعالى فلا نسلّمه مطلقاً ، بل لنا أنْ نجعلها بمعنى ( احسب ) اليقينيّة بمعنى : ( اعلم ) ؛ لورود الحسيب بمعنى العليم في أسمائه الحسنى وأمثاله العليا ، كما هو أحد معانيه.
وممّا يدل على إتيان ( حسب ) بمعنى ( علم ) قولُ الشاعر :
حسبتُ التقى والجود خيرَ تجارة |
|
رباحاً إذا ما المرء أصبح ثاقلا (٣) |
ويجوز جعلها بمعنى ( اجعل ) إنْ ثبت تصرّف ماضيه. وأمّا ( اعتقد ) و ( ظُنّ ) فلأنّهما وإنْ أُطلقا على العلم اليقيني إطلاقاً شائعاً وكان أحد معانيهما صادقاً عليه سبحانه ، إلّا إنّ إطلاق لفظهما استعمالاً لهما بالنسبة إليه تعالى تسميةً ووجوداً موقوف على الورود ، ولمْ فَلمْ.
كما أنّه لم يجز وصفه بالجوهر الفرد وإنْ كان معناه إي : القائم بذاته المستغني عن غيره صادقاً عليه سبحانه على ما هو المذهب المشهور (٤) المؤيّد المنصور.
وحينئذٍ ، فحاصل المعنى : فإنْ علمتني صابراً ، أو فإنْ وقع في علمك إنّي أصبر على عذابك فكيف أصبر على فراقك. وإنْ علمتني صابراً ، أو وإنْ وقع في علمك إنّي أصبرُ على حرّ نارك فكيف أصبرُ عن النظر إلى كرامتك.
وإنّما جعل عليهالسلام الصبر على العذاب وحرِّ النار أهون من الصبر على الفراق والنظر
__________________
(١) النساء : ١١٧.
(٢) الإسراء : ٨٠.
(٣) أوضح المسالك ١ : ٣٠٦ ، شرح ابن عقيل ٢ : ٣٤.
(٤) انظر : البلد الأمين : ٥٨٩.