ففي الفقرة
المبحوث عنها جعل عليهالسلام الجواب للشرط لكونه جملة طلبيّة مقرونة بالفاء ، فدلّ
ذلك على أنّ اللام زائدة مؤكّدة لا موطّئة ، إذ لو كانت موطّئة لجعل الجواب للقسم
وحذف جواب الشرط ؛ لأنّه تقدّم القسم ولم يتقدّمه ما يطلبُ الخبر ، فينبغي ذكر
جوابهِ والاستغناء به عن جواب الشرط ، كما في قوله عزوجل ( قُلْ لَئِنِ
اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا
يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً ) فإنّ جملة ( لا يَأْتُونَ
بِمِثْلِهِ ) جواب القسم المحذوف المدلول عليه باللّام الموطّئة ،
وحذف جواب الشرط استغناءً عنه بجواب القسم.
ومثله قوله عليهالسلام بعد هذه الفقرة : « فبعزّتك
يا سيّدي ومولاي أُقْسم صادقاً لئن تركتني ناطقاً لأضجنّ إليك بين أهلِها ضجيج
الآملين » .. إلى آخره.
فإنّ قوله عليهالسلام : « لأضجنّ » جواب القسم السابق ،
وجواب الشرط محذوف لدلالة جواب القسم عليه ، ومثلُهُ كثير كما لا يخفى على الناقد
البصير.
وأمّا على قول
ابن مالك والفرّاء من جواز جعل الجواب للشرط المتأخّر عن القسم وإنْ لم
يتقدّمهما ما يقتضي الخبر ، فيجوز جعل اللّام في قوله عليهالسلام : « لئن
صيّرتني » موطّئة للقسم ، فيكون جوابُهُ محذوفاً لدلالة جواب الشرط عليه ، وتقديرهُ
والله العالم بمراد أوليائه وحججه وخلفائه فلئن صيّرتني في العقوبات مع أعدائك ،
وجمعتَ بيني وبين أهل بلائك ، وفرقت بيني وبين أحبائك وأوليائك ، لا أقدر على ذلك.
بدليل قوله عليهالسلام بعده « فهبني يا
إلهي وسيّدي ومولاي وربّي صبرتُ على عذابِك فكيف أصبرُ على فراقك » .. الى آخره ، وقوله عليهالسلام بعده : « فبعزّتك يا
سيّدي ومولاي اقسم صادقاً لئن تركتني ناطقاً لأضجنّ إليك بين أهلها ضجيج الآملين
ولأصرخنّ إليك صُراخَ المستصرخين » .. إلى آخر كلامه ، عليه أفضل صلاة الله وسلامه.
__________________