قلبوها ( ياءً ) ، فجعلوه حادي على وزن عالف ، وكما فعلوا في الوجه ، حيث
نقلوا فاءه إلى موضع عينه ، ثم قلبوها ألفاً ، فجعلوه جاهاً على وزن عفل ، إلى غير
ذلك من النظائر التي يقف عليها الناظر ، والسبر أعدل شاهدٍ لذوي البصائر ، والله
العالم بالسرائر.
و ( الربّ ) بالتشديد على الأفصح ، وقد يخفّف ، وقد يبدل ثاني مثليهِ ياءً ، يقال : (
لا ورَبْيِك لا أفعل ) أي : لا وربك. صرّح به في ( القاموس ) .
وهو هنا إمّا
بمعنى المالك ، أو السيّد ، ومنه قوله تعالى ( اذْكُرْنِي عِنْدَ
رَبِّكَ ) أي : سيّدك ، أو بمعنى المدبّر والمنعم ، أو بمعنى
المصلح للشيء والمربّي له ، ولهذا يسمّى العلماء ربّانيّين ؛ لأنّهم يربّون العلم
، أي : يقومون به ويصلحونه ويرعونه ويحفظونه ، أو لأنّهم يربّون المتعلّمين بصغار
العلم قبل كباره ، ويدرّجونهم في التدريس والتفهيم على مقتضى قوابلهم واستعدادهم
من حين ابتدائهم إلى انتهائهم واشتدادهم.
ويطلق أيضاً
على الصاحب ، فإنْ أُريد به المالك صحّ قطعاً ، وإنْ أُريد به المعنى المشتق من
المصاحبة فلا مانع من إرادته أيضاً هنا ؛ لإطلاق الصاحب عليه سبحانه في كثير من
أدعية النبيّ والأئمّة الأطهار عليهم سلام الملك الجبّار ، بمعنى : أنّه المحيط
بكلّ شيء ومع كلّ شيء ، كما في قولهم عليهمالسلام : « يا صاحب
كلِّ نجوى » ، أي : الحاضر عندها والمحيط بها ، والذي بأمره تقوّم
النجوى وبه تقوم ..
فهو سبحانه
الربُّ في مراتب الربوبيّة الثلاث ، أعني : الربوبيّة إذ لا مربوب لا ذكراً ولا
كوناً ، والربوبيّة إذ مربوب ذكراً فقط ؛ وهي مرتبة الوحدانية والمشيئة الإمكانيّة
، والربوبيّة إذ مربوب ذِكْراً وكوناً وعيناً ، وهي مقام ظهور الاسم ، الرحمن
بالرحمانيّة ، وتعلق الفعل بالمفعول ، وربط الأسباب بالمسببات ، واللوازم
بالملزومات ، والعلل بالمعلولات ، والشروط بالمشروطات.
__________________