فهو الربّ في الرتبة الاولى في ذاته ، وفي الثانية في مشيئته وقبل خلق خليقته ، وفي الثالثة في أحداث المخلوقات وإبراز صور المكونات مشروطة العلل والأسباب.
والربُّ على الإطلاق معرّفاً باللّام هو الله تعالى ، ولا يطلق على غيره من المخلوقين إلّا مجرّداً منها أو مضافاً كربّ الدار ، نصّ عليه غير واحد من اللغويّين (١) ، وغيرهم من الخاصّة والعامّة كالبيضاوي في ( التفسير ) (٢) ، والفيروزآبادي في ( القاموس ) (٣) ، والشيخ فخر الدين النجفي في ( مجمع البحرين ) (٤) ، والجزري في ( الحواشي المفهّمة ) ، والطبرسي في ( الجوامع ) (٥).
وورد عن الأئمّة الأطياب : « نزّهونا عن الربوبيّة وقولوا فينا ما شئتم ، ولن تبلغوا » (٦) ، وهو نص صريح في الباب ، وإرخاء العنان في هذا الميدان يفضي إلى الإسهاب ، وإلى الله المرجع والمآب.
وجملة قوله عليهالسلام : « صبرت على عذابك » (٧) في موضع نصب على أنّها مفعول ثان ل ( هب ) ، وإنّما فصل عليهالسلام بين المفعولين بالنداء تنبيهاً على كمال الانقطاع إلى الله وتمام الافتقار إلى مولاه ، وشدّة احتياجه في كلّ لحظة ولفظة إلى إمداده وإسعافه وإسعاده في نيل مرامه ومراده في مبدئه ومعاده.
وآثر الجملة الفعليّة تنبيهاً على تجدّد الصبر وحدوثه عند تجدّد كلّ بليّة وحدوثها ، والتسليم والرضا بما يحدث عليه من الكروب ، وكلّ ما يفعل المحبوبُ محبوب.
واختار عليهالسلام الجملة الماضويّة على الجملة الاستقباليّة لتنزيل ما هو للوقوع ولو فرضاً كالواقع ، وهو في العربيّة شائع وفي كلام الفصحاء والعرب العرباء ذائع.
وقوله عليهالسلام : « فكيف أصبرُ على فِراقك » (٨) جملةٌ مسوقة للتّعجب المدلول عليه
__________________
(١) كتاب العين ٨ : ٢٥٦ رب ، الصحاح ١ : ١٣٠ ربب ، لسان العرب ٥ : ٩٤ ربب.
(٢) تفسير البيضاوي ١ : ٨.
(٣) القاموس المحيط ١ : ٢٠٦ باب الباء / فصل الراء.
(٤) مجمع البحرين ٢ : ٦٤ ربب.
(٥) جوامع الجامع ١ : ٦ ـ ٧.
(٦) التفسير المنسوب للإمام العسكري عليهالسلام : ٥٠ ، بصائر الدرجات : ٢٣٦ / ٥ ، البحار ٢٥ : ٢٧٤ / ٢٠ ، باختلاف.
(٧) مصباح المتهجّد : ٧٧٨.
(٨) مصباح المتهجّد : ٧٧٨.