وكيف كان ، ف ( إنْ ) هنا خالية من ذكر الجواب ، أمّا على القول بعدم احتياجها إليه فلا إشكال ، وأمّا على القول بالاحتياج فلتقدّم القسم عليها ، وقد مرّ أنّه متى اجتمع القسم والشرط ولم يتقدّمهما ما يقتضي خبراً جُعلَ الجوابُ للمتقدّم لشدّة الاعتناء به ، وحُذِف من المتأخّر لدلالة الأوّل عليه ، وهو موضع وفاق بين النحاة ، إلّا من ابن مالك والفرّاء (١) ، حيث أجازا جعل الجواب للشّرط ، وقد مرّ الكلام فيه مستوفياً فلا نعيده.
هذا في ( إنْ ) المقترنة بالواو المتقدّم عليها ما يدلّ على الجواب ، وأمّا ( إنْ ) الخالية منها المتقدّم عليها أيضاً ما يدلّ عليه ممّا هو جوابٌ في المعنى دون الصناعة ، إمّا لكون ذلك المتقدّم جملةً اسميّة مجرّدة من الفاء كـ : ( أنتَ ظالمٌ إنْ فعلتَ ) ، أو جملة منفيّة بـ ( لم ) مقرونة بالفاء ، نحو :
فلم أرقه إنْ ينجُ منها (٢) |
|
........................... |
أو مضارعاً مرفوعاً كـ : ( أفعل إنْ فعلت ) ، فاختلف أيضاً في جوابها.
فجمهور البصريّين (٣) على أنّه محذوفٌ وجوباً لدلالة المتقدّم عليه ، لا أنّ المتقدّم هو الجواب.
أمّا أوّلاً ؛ فلعدم صلوح المتقدّم للجواب ، كما مرّ.
وأمّا ثانياً ؛ فلأنّ أداة الشرط حقّها التقدّم في صدر الكلام والخطاب ، فلا يتقدّمها الجواب.
والكوفيّون وبعضُ البصريّين (٤) على أنّه لا حذف ، وأنّ المتقدّم هو الجواب.
وأجابوا عن عدم اقتران الجملة الاسميّة بالفاء بأنّ عدم اقترانها بها لعدم مناسبتها
__________________
(١) أوضح المسالك ٣ : ١٩٨ ، همع الهوامع شرح جمع الجوامع ٢ : ٤٣.
(٢) الخصائص ٢ : ٣٨٨ ، الإنصاف في مسائل الخلاف ٢ : ٦٢٦ ، لسان العرب ١٠ : ٦٨ غسس.
(٣) شرح الرضي على الكافية ٤ : ٩٨ ، شرح التصريح على التوضيح ٢ : ٢٥٣.
(٤) شرح التصريح على التوضيح ٢ : ٢٥٤.