الصدر ، ولكونها خلفاً عن العمل ، ولا عمل مع التقدّم.
وعن دخول الفاء على الجملة الفعليّة المنفيّة بـ ( لم ) بالتزامهم جوازَ دخول الفاء عليها ، كما فعله الزمخشري وبدرُ الدين بن مالك في قوله تعالى ( فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ ) (١) ، حيث قدّراه : ( إنْ افتخرتم بقتلهم فلم تقتلوهم ) (٢).
وعن رفع المضارع بأنّه لضعف الحرف أنْ يعمل مؤخّراً.
وهذه الأجوبة لا تخلو من تأمّل لا يخفى على المتأمّل.
وممّا يؤيّد البصريّين دلالةُ الكلام في مثل هذا المَقام على أنّ المتكلّم بمثل هذا الكلام أراد الإخبار على جهة الجزم واليقين من أوّل وهلةٍ أو حين ، ثمّ بدا له التعليق بالشرط ، فهو كالتخصيص بعد التعميم ، بخلاف من يبني كلامَهُ من أوّل وهلة على الشرط ، فإنّ الجواب المعنويّ يتأخّر في كلامه فيقع ما بعد الشرط جواباً صناعةً ومعنًى ، كما يشهد به الذوق السليم والطبعُ المستقيم ، و ( ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ) (٣).
تنبيهٌ :
قد احتملنا في الجواب الأوّل المختصر كون ( إنْ ) هنا بمعنى ( قد ) التحقيقية على حدّ قوله تعالى ( فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى ) (٤) ، وجعلنا الواو فيها متعيِّنة للحاليّة ، إلّا أنّا حذفنا هذا الاحتمال هنا لوجهين :
الأوّل : إنّ كونها بمعنى ( قد ) غير متّفق عليه ، ولهذا حملت في الآية تارة على الشرط وحذف المعطوف ، أي : وإنْ لم تنفع ، وعلى الاستبعاد كـ : ( عظ الظالمين إنْ سمعوا منك ) تريد الاستبعاد لا الشرط تارة أُخرى.
الثاني : أنّه خلاف المعنى المراد من مثل هذا التركيب والمتبادر من اللّفظ في مثل
__________________
(١) الأنفال : ١٧.
(٢) الكشّاف ٢ : ٢٠٧ ، شرح ألفية ابن مالك ( ابن الناظم ) : ٧٠٦.
(٣) الحديد : ٢١.
(٤) الأعلى : ٩.