( القاموس ) : ( احسَبْني واعددني ) (١) : اجعلني من المحسوبين في هبتك والمعدودين من أهل كرامتك ) .. إلى آخره.
فهو من أعجب العجاب الذي لا يصدر عن سائر الطلّاب ، فضلاً عن اولي الألباب ، وبطلانه غنيٌّ عن البيان ظاهرٌ لكلّ إنسان.
أمّا أوّلاً ؛ فلما مرّ آنفاً من أنّ مراده ( احسَبْ واعدد ) المتعدّيين للمفعولين ، بقرينة ذكره المفعولين بعد ذينك الفعلين.
وأمّا ثانياً ؛ فلأنّ الألفاظ قوالبُ المعاني ، فكلّ معنى لا بدّ له من قالب ينصبّ فيه ويدلّ عليه ، وقد قال في ( القاموس ) : ( إنّ لفظ هَبْ يَنْصَبُّ فيه معنى احسَبْ واعدد ) (٢) ، فجميع ما تقتضيه ( هَبْ ) من المفعولات مناسِبٌ لهما ومنطبق عليهما ، فأيُّ مناسبة بين قول القائل : هبني قتلت ، أو سرقت ، أو زنيتُ ، وما أشبهها من المفاعيل التي تطلبها ( هَبْ ) بمعنى : ( احسَبْ واعدد ) بحسَب مراد المتكلّم ، وبين تفسيره احسَبْ واعدد بقوله : اجعلني من المحسوبين في هبتك والمعدودين من أهل كرامتك. وما هو إلّا كلام انتفَتْ فيه فائدة الخبر ولازمها ، بل حكم بفساده جاهلُ البريّة وعالِمُها.
وأمّا ثالثاً ؛ فلمنافاة عبارة ( القاموس ) لما ذكره سلّمه الله منافاةً ظاهرة وافية وتعيها اذنٌ واعيَةٌ قال فيه : ( وهبه له كودعَهُ وهباً ووهَباً وهبة ، ولا تقل : وهبكه أو حكاه أبو عمرو عن أعرابي وهو : واهبٌ ووهّابٌ ووهوبٌ ووهّابة ، والاسم المَوْهِبُ والمَوهِبَةُ ، واتّهب (٣) قبلَهُ وتواهبُوا : وهب بعضهم لبعض وواهبهُ ، فوهبهُ يهبهُ كيدَعُه ويرِثهُ غلبَه في الهِبة. والموهبَة : العطيّة والسّحابة [ تقع (٤) ] حيث وقعت ، وحصن بصنعاء ، ورجل ، وغدير ماءٍ صغير ، وتكسر هاؤُه. وهبني فعلتُ ، أي : احسُبني
__________________
(١) القاموس المحيط ١ : ٣٠٥ باب الباء / فصل الواو.
(٢) القاموس المحيط ١ : ٣٠٥ باب الباء / فصل الواو ، باختلاف.
(٣) في المصدر : اتهبه.
(٤) من المصدر.