قال في ( القاموس ) بعد أنْ ذكر حَسَبَ مفتوح السين الذي هو من باب العدد : ( وحَسِبَهُ كذا كَنَعِمَ في لُغتيه مَحسبة ومُحسبة وحِسبانا بالكسرِ ظنّه ) (١). انتهى.
إلّا أنّ ( عدّ ) من القسم الملازم لرجحان الوقوع كجعل وزعم وحجى وهَبْ ، وحسِب من القسم الذي يكون للرجحان تارة ولليقين اخرى. فمن شواهد ( عدّ ) القلبيّة قولُ النعمان بن بشير الأنصاري :
فلا تعدد المولى شريكك في الغنى |
|
لكنّما المولى شريكُك في العُدْمِ (٢) |
ومن شواهد حسب القلبيّة المفيدة للرجحان قول زُفَر بن الحارث الكلابي :
وكنّا حسبنا كلّ بيضاء شحمةً |
|
عشيّة لاقينا جذام وحميرا (٣) |
ومن شواهدها حال كونها لليقين قوله تعالى ( وَكَفى بِاللهِ حَسِيباً ) (٤) ، أي : عالماً ، وما مرّ من قول لبيد بن ربيعة :
حسبتُ التّقى والجود خير تجارة |
|
رباحاً إذا ما المرء أصبح ثاقلاً (٥) |
وبالجملة ، فالاستشهاد على أنّ ( حسِب وعدّ ) هنا من أخوات ظنّ لبداهيته خالٍ من التحصيل.
وليس يصحّ في الأذهان شيء |
|
إذا احتاجَ النهارُ إلى دليل |
والله يقول الحقّ ، وهو يهدى السّبيل.
وأمّا قوله : ( إنّ ( هَبْ ) هناك من باب ( وهب ) بمعنى : أعطى ، وإنّ معنى قوله في
__________________
(١) القاموس المحيط ١ : ١٨٣ باب الباء / فصل الحاء.
(٢) شرح ألفية ابن مالك ( ابن الناظم ) : ١٩٨ ، أوضح المسالك ١ : ٢٩٩ ، حاشية الصبّان على شرح الأشموني ٢ : ٢٢.
(٣) أوضح المسالك ١ : ٣٠٥ ، التصريح على التوضيح ١ : ٢٤٩.
(٤) النساء : ٦.
(٥) أوضح المسالك ١ : ٣٠٦ ، التصريح على التوضيح ١ : ٢٤٩.