وثانياً : أنّا لم نذكر من كلام أهل المعاني والبيان إلّا كلام التفتازاني في شرحي ( التلخيص ) ، وأمّا الباقون ممن صرّح باسم الوصليّة ، فكلامهم ظاهر في أنّ تسميتها بذلك غير مختصّ بالصناعة البيانيّة ، بل بالنظر إلى ورودها في علم النحو والعربيّة. ألا ترى أنّ السيّد عبد الله بن السيّد نور الدين أنّما سمّاها بذلك في إعراب قوله عليهالسلام : « اتّقوا النّار ولو بشقّ تمرة » (١).
وهو في تلك الحال ناظر إلى اصطلاح النحاة المعربين ، فهو حينئذٍ منهم لا من البيانيّين.
وأمّا الشيخ مرتضى (٢) أيّده الله وأمدّه بالرضا فقد سمّاها بذلك في البحث عن تلك المسألة الفقهيّة من غير تخصيص لها باصطلاح أهل الصناعة البيانيّة ، فلازم ذلك أنّها كذلك عند أهل الصناعة النحويّة.
وثالثاً : أنّ بعضاً من الثقات قد شهدوا بأنّ تسميتها بذلك من اصطلاحات النحاة ، قال المحقّق القمّي في القوانين بعد أنْ نقل معنى الشرط عن اللغويّين ما هذا لفظه بحقّ اليقين : ( واستعمله النحاة في ما تلا حرف الشرط مطلقاً ، أومأ علّق عليه جملةٌ وجوداً ، يعني : حكم بحصول مضمونها عند حصوله ، وقد يستعمل في العلّة. وفي مصطلح الأُصوليّين : ما يستلزم انتفاؤه انتفاء المشروط به ، ولا يستلزم وجوده وجود المشروط ، فمن مصاديق الاستعمال الأوّل وعنى به مصطلح اللغويّين النذر والعهد ونحوهما ، والشرط في ضمن العقد مثاله : ( أنكحتك ابنتي وشرطت عليك أنْ لا تخرجها من البلد ). ومن مصاديق الثاني وعنى به مصطلح النحويين ـ : ( ما عملت من خير تجز به وإنْ كان مثقال ذرّة ) ، وقد تسمّيه النحاة ( إنْ ) الوصليّة ) (٣). انتهى كلامه ، علت في الخلدِ أقدامه.
وهو صريحٌ في المطلوب غاية ، بل نصٌّ فيه نهاية.
وقال الفاضل الذكي السيّد إبراهيم القزويني في ( نتائج الأفكار ) بعد أنْ عرّف
__________________
(١) غوالي اللئالئ ١ : ٣٦٧ / ٦٥ ، صحيح مسلم ٢ : ٥٨٣ / ٦٨.
(٢) المكاسب ١ : ٢٤٤.
(٣) القوانين : ٨٣ ـ ٨٤.