الأشعري « لا ينقض الوضوء إلّا حدث ، والنوم حدث » (١) ، اتّسعت في تطبيقه على الأشكال المنطقيّة دائرة الخلاف ، واختلفوا في بيان النتيجة منه اختلافاً لا يرجى معه ائتلاف ، حيث إنّ المقدّمة الأُولى الصغرى اشتملت على قضيّتين مختلفتين في الكيف هي السلب والإيجاب ، أحدهما : ( لا ينقض الوضوء ما ليس بحدث ) ، وهي سالبة. والثانية : ( الناقض للوضوء حدث ) ، وهي موجبة. وانتظام كلّ من السالبة والموجبة مع الكبرى لا ينتج شيئاً في الشكل الثاني ؛ لعدم تكرّر الوسط على الأوّل ، وعدم اختلاف مقدّمته كيفاً على الثاني. ومثله ما وقع لهم في تأويل ما ورد : « إنّ نيّة المؤمن خيرٌ من عمله » (٢).
ولو لا ما أوعز لنا من كراهة التطويل ، لأوردنا كثيراً من هذا القبيل ، وإنْ كان بالنسبة إلى غيره أقلّ القليل. والله يقول الحقّ وهو يهدي السبيل.
وأمّا قوله : فما برح السؤال في الإشكال.
فأقول : إنّ الإشكال بحمد الله قد زال أيّ زوال ، ووقع في حيّز العدم والاضمحلال ، لولا هناتٌ في نفس ذلك المفضال ، فيا قاتل الله الاعتساف كيف يُفضي بصاحبه إلى الخروج عن جادّةِ الحق والإنصاف ، ويوقعه في مهاوي التمحّلات والانحراف. ولعمري لقد ألجأنا إلى تصديق الشيخ المقتول حيث يقول :
ضاع الكلام فلا كلام |
|
ولا سكوت يعجب. |
فإنّا لله وإنّا إليه راجعون ، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم.
وأمّا قوله : وأمّا ( إنْ ) في المثل فقد جعلها وصليّة باصطلاح أهل المعاني والبيان .. الى آخره.
ففيه ، أوّلاً : أنّ غاية ما ذكرناه تسمية ( إنْ ) في مثل هذا الكلام وصليّة عند أهل العربيّة ، وذلك لا ريب فيه عند ذي رويّة.
__________________
(١) التهذيب ١ : ٦ / ٥ ، الإستبصار ١ : ٧٩ / ٢٤٦ ، الوسائل ١ : ٢٥٣ ، أبواب نواقض الوضوء ، ب ٣ ، ح ٤.
(٢) الكافي ٢ : ٨٤ / ٢ ، غوالي اللئالئ ١ : ٣٧ / ٢٦ ، الوسائل ١ : ٥٠ ، أبواب مقدمة العبادات ، ب ٦ ، ح ٣.