ولو أنّما أسعى لأدنى معيشة |
|
كفاني ولم أطلب قليل من المال (١) |
عن باب التنازع لفساد المعنى باجتماع النقيضين ؛ لكون السعي لأدنى معيشة مع الكفاية منفياً لا مثبتاً في سياق ( لو ) ، وكون طلب القليل من المال مثبتاً ؛ لأنّه منفي في سياق جوابها ، فيؤول إلى إثبات الشيء ونفيه في كلام واحد ، وهو باطل.
وعلى هذه القاعدة يلزم أنّ كلمات الله قد نفدت ، وليس كذلك.
ومثلها ما رووه عن النبيّ صلىاللهعليهوآله : « نعم العبدُ صهيب ، لو لم يخف الله لم يعصه » (٢) ، فإنّه يقتضي أنّه خاف وعصى ، وعصى مع الخوف.
وكقوله تعالى ، في آيتي أهل الجنّة والنار ( فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ. خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلّا ما شاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعّالٌ لِما يُرِيدُ. وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلّا ما شاءَ رَبُّكَ عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ ) (٣) ، حيث إنّه تعالى أوعد كلّاً من الفريقين بالخلود ؛ إمّا في الجنّة ، أو النار ذات الوقود.
وقد أكثر فيهما المفسّرون (٤) من الوجوه والتأويلات ، وكذا في ما شابههما من الآيات ، كما لا يخفى على من مارس كتب الأعاريب ، وإنْ كنت في شكّ فعليك بـ ( مغني اللّبيب ) ، فإنّ فيه غنية للأديب الأريب.
وأمّا وقوع مثل ذلك في كلمات الأئمّة الأطهار فقد انتشر أيّ انتشار ، ويكفي في ذلك ما وقع في كلمة الشهادة التي بُني عليها أصل الإسلام ، حيث قد اضطربت في إعرابها وتأويلها ثاقباتُ الأفهام ، حتى أفردها بالتأليف جماعةٌ من العلماء الأعلام.
ومثله ما وقع لهم في معنى قول الصادق عليهالسلام في صحيحة إسحاق بن عبد الله
__________________
(١) مغني اللبيب ١ : ٣٣٨ ، شرح شذور الذهب : ٢٢٧ ، حاشية الصبّان على شرح الأشموني ٤ : ٤٠.
(٢) المطوّل : ١٦٨ ، كنز العمال ١٣ : ٤٣٧ / ٣٧١٤٦.
(٣) هود : ١٠٦ ١٠٨.
(٤) التبيان ٦ : ٦٦ ٧٢ ، مجمع البيان ٥ : ٢٥٠ ٢٥٣ ، التفسير الكبير ١٨ : ٥٠ ٥٤.