والرويّة ، أو مَنْ تمسّك بأسباب التعنّت والعصبيّة. ونحن نجلّ السائل سلّمه الله عن تلك الخلال الرديّة.
وأما قوله : فإنْ حصل الدليل من غيرهما ، مثل : ( جاء زيد وهو راكبٌ ) أو ( ركب زيدٌ وهو مريض ) فذاك ، وإلّا فلا.
ففيه : أنّه لا ريب ولا إشكال في أنّ الواو في مثل ذينك التركيبين واو الحال ، فإنْ كان تسليم الحاليّة في ذلك المثال موقوفاً على الحاليّة في هذين فقد زال الإشكال بلا مين.
وأمّا قوله : ودعوى أنّ واو الحال لا يكون مدخولها إلّا ثابت الوقوع إلى قوله ـ : باق على حاله.
ففيه ، أوّلاً : أنّه غير مستقيم المعنى بسبب اختلالٍ في المبنى ، والظاهر أنّ مراده أنْ يقول : لا يكون مدخولها إلّا ثابت الوقوع بظاهر اللفظ في الكلام الموجب ، ومنفي الوقوع في الكلام المنفيّ ، فأسقط المضاف سهواً.
فيقال له : إذا كان مرادكم بالقطعيّة التي اعترضتم بها على الحاليّة هذا المعنى فهذا ممّا لا نزاع فيه ، ولم نخرج عن مقتضاه ، بل كان حاصلاً على أتمّ وجه وأجلاه ؛ لأنّا إذا قطعنا النظر عن الشرط المحذوف وجعلنا ( إنْ ) بمعنى ( قد ) التحقيقيّة على الاحتمال المرجوح ، فلا إشكال في تحقّق القطعيّة ، وكذا على الحكم على ( إنْ ) بالوصليّة ، كما حقّقناه في الجواب على وجه يقشع سحائب الارتياب.
وأين هذا المعنى الذي ذكره هنا من الدعوى التي ادّعاها هناك؟! ولكنّه لمّا ضاق به العَطَنُ (١) عن إثبات تلك الدعوى عدل إلى هذا المعنى ، وهو غير خالٍ من الحُسن والحسنى.
وثانياً : أنّ القطعيّة بهذا المعنى ، أي كون اللفظ ثابت الوقوع في الكلام الموجب
__________________
(١) عَطَنُ الإبل : موضعها الذي تتنحَّى إليه إذا شربت الشربة الاولى فَتَبْركُ فيه ، ثم يُملأ الحوض لها ثانياً فتعود من ( عَطَنِهَا ) إلى الحوض فَتَعُلُّ أي تشربُ الشربة الثانية. المصباح المنير : ٤١٧ العَطَنُ.