ومنفية في المنفيّ ، لا اختصاص لها بمدخول الواو الحاليّة ، بل هو حاصل في كلِّ قضيّةٍ خلت من حرف السلب أو قرنت به ، كما لا يخفى على مَنْ له أدنى ممارسة للعلوم الأدبيّة.
وأمّا قوله سلّمه الله تعالى ـ : وأمّا إعجابه حفظه الله تعالى من عدم صحّة نسبة الظنّ له سبحانه إلى قوله ـ : فهو العجب وأعجب.
ففيه ، أوّلاً : أنّه لا داعي للعجب فضلاً عن الأعجبيّة ؛ لظهور السبب ، فإنّ العجب انفعال نفسانيٌّ يعرض للنفس عند ظهور شيءٍ خفيّ سببه ، ولهذا قيل : إذا ظهر السبب بطل العجب.
وغاية ما قلناه : إنّ عدم صحّة معنى الظنّ في ( هب ) ليس لما ذكره السائل من رجوع الظنّ بالآخرة إلى التردّد ؛ لأنّ احتمال النقيض لا يخرج الظنّ من حيثُ هو عن قاعدته الكلّيّة المقرّرة من رجحان أحد طرفي النسبة إلى قاعدة الشكّ التي هي التردّد الخالي عن الرجحان ، إذْ عدم التردّد مأخوذٌ في حقيقة الظنّ ، كما أنّ التردّد مأخوذ في حقيقة الشكّ في العرف ؛ ولهذا منع البعض من مقوليّة الشكّ بالتشكيك على التساوي والرجحان ، كما بيّناه في الجواب بما لا مزيد عليه ، بل لما ذكرناه من توقّف الوصف والتسمية به على الورود عن الشارع ، وليس فليس ، ولا عجب فيه لظهور السبب.
وأمّا ثانياً ؛ فلأنّه لا تناقض بين ذكر معنى الظنّ أوّلاً ثمّ نفيه ثانياً لعدم شرطه ، إذ التناقض لا يكون إلّا باجتماع الوحدات الثمان التي قرّرها علماء علم الميزان (١) ، ولا يخفى عدم حصول شيء منها هنا على اولي الأذهان ؛ لأنّ ذكر معنى الظنّ بالنظر إلى اللغة ونفيه بالنظر إلى الشرع ، فلم تتّحد الجهة والمكان.
وأمّا قوله : على أنّ احتمال عدم التسمية له بذلك من حيث معنى الشكّ والتردّد الحاصل في الظنّ ، قويٌّ وظاهرٌ.
__________________
(١) حاشية ملّا عبد الله : ١٢٨.