صريح السياق ، وإنّما سأل عنه هشام الذي هو من الأجلّة العظام لمّا رأى فيه كثرة اختلاف الأوهام ، فأراد بيان الصواب من الإمام عليهالسلام.
وقال الإمام العسكري عليهالسلام في تفسيره المشهور بين علماء الإسلام : « الله هو الذي يتألّه إليه عند الحوائج والشدائد كلُّ مخلوق ، وعند انقطاع الرجاء من كلِّ مَنْ دونه ، وتقطّع الأسباب من جميع مَنْ سواه » (١). ثمّ روى مثل هذا الحديث بعده عن أمير المؤمنين عليهالسلام (٢).
والتقريب : أنّ هذين الإمامين عليهماالسلام بعدد تعاقب الجديدين ، قد فسّرا هذا الاسم الكريم بالذي يتألّه إليه المشتقّ من قولهم : ( تألّهت إلى فلان ) إذا تضرّعتُ إليه ، كما مرّ في الجواب الاستشهاد عليه ؛ للمناسبة الظاهرة بين هذين اللفظين. وهذا هو معنى الاشتقاق بلا مين.
فإنْ قيل : إنّ الاشتقاق المبحوث عنه سابقاً هو اشتقاق لفظ ( إله ) ، والقائل بأنّ لفظ ( الله ) علم من أصله لا يسلّم أنّ أصله ( ألِه ) ، فحذفت الهمزة وعوّض عنها حرف التعريف ، بل يدّعى أنّه وضع بهذه الهيئة والمادّة للذات المقدّسة البحت الباتّ.
قلنا : إنّ المشاركة والمناسبة في المعنى والتركيب حاصلةٌ بين لفظ الله وبين تلك الأُصول المذكورة بأسرها وإنْ تفاوتت ظهوراً وخفاءً وقوّة وضعفاً ، ولازم ذلك هو اشتقاقه من بعضها كما في سائر المشتقّات ، كما صرّح به غير واحد من علمائنا الثقات.
وليت شعري كيف عدل عن التمسّك بما ورد عن المعصومين الهداة ، سادات القادات ، وقادات السادات ، واشتهر بين أصحابهم السراة ، وعوّل على قول شاذٍّ نادرٍ لبعض البريّات ، مع أنّهم عليهمالسلام هُمُ المؤسّسون لتلك العلوم ، والمؤصّلون لتلك الرسوم ، والموصلون لمرادات الحيّ القيّوم ، والمفصّلون لأحكام ما أُجمل من تلك الرقوم.
ولو لا ما أوعز لنا من كراهة الإطناب لأوردنا جميع ما تمسّك به النافي للاشتقاق ،
__________________
(١) التفسير المنسوب للإمام العسكري : ٢١ / ٥.
(٢) التفسير المنسوب للإمام العسكري : ٢٧ / ٩.