وجعلناه كالسراب ، ولكن فيما ذكرناه كفاية لُاولي الألباب ، والمنصف تكفيه الإشارة ، والمتعنّت لا ينتفع ولو بألف عبارة.
بقي الكلام في بيان قول الصادق عليهالسلام : « الله مشتقّ من إله » (١).
فأقول مجملاً : يجوز أنْ يجعل ( إله ) اسماً على فِعال بمعنى : مفعول ( مألوه ) ، وأنْ يجعل فعلاً ماضياً كضرب وتعب بمعنى : عبد ، وأنْ يجعل مصدراً على ( فَعْل ) بإسكان العين. فعلى الوجه الأوّل يكون ما بعده والإله على وزن فعال ، ويكون معناه ما ذكرناه في الجواب من أنّ إطلاق هذا الاسم واستعماله بين الأنام يقتضي أنْ يكون في الوجود ذات معبود يطلق عليه هذا الاسم. وعلى الوجهين الأخيرين يكون على ( فَعْل ) بسكون العين ، ومعناه أنّ العبادة تقتضي وجود معبود في حيّز الوجود ؛ إذ لا يكفي مجرّد إطلاق الاسم من دون أنْ يكون له مسمّى ، فإنّ الاسم غير المسمّى. والله العالم العاصم.
فيا أيّها العالمُ الجليلُ والعَلَم النبيل والخائض في بحار التحصيل ، لا تنظر إلى مَنْ قال وانظر إلى ما قيل ، وتمسّك بذيل الإنصاف يظهر لك الحقّ بالتفصيل ، وتعرف القول الحقيق بالتفضيل ، والله الهادي إلى سواء السبيل.
حرّره فقيرُ ربّه المنّان أحمد بن صالح بن طعّان ، عامله الله بالعفو والإحسان ، وقد استتمّ تحريرُ هذه الرسوم ، واستتبّ تحبير هذه الرقوم بالليلة الثالثة والعشرين من شهر شعبان من السنة الثامنة والسبعين بعد المائتين والألف ، من هجرة المصطفى علّة الإمكان والأكوان ، صلىاللهعليهوآله الأعيان ، وأصحابه الممدوحين في القرآن ، والتابعين لهم بإحسان ، واستغفر الله من السهو والغلط والنسيان ، وزلّات القلم والجَنان واللسان ؛ فإنّه ذو الفضلِ والطولِ والامتنان.
__________________
(١) الكافي ١ : ١١٤ / ٢.